للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في بيان أقواله يمثّلها بحركاتها؛ ليكون أوقع في نفس السامع انتهى (١).

(وَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (الْخَازِنُ) زاد في رواية الشيخين: "المسلم". قيّده به لإخراج الكافر؛ لأنه لا نيّة له (الْأَمِينُ) قيده به لإخراح الخائن؛ لأنه مأزور، لا مأجور (الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بهِ) زاد في رواية الشيخين: "كاملًا موفّرًا". والمراد أنه يعطي من غير نقص شيء منه بهواه. وإنما رتّب الأجر على إعطائه ما أمر به غير ناقص؛ لأنه إذا خالف شيئًا من ذلك يكون خائنا، فلا يستحقّ الأجر (طَيِّبًا) وفي نسخة "طيّبة"، بتاء التأنيث؛ لأنه مسند إلى "نفس"، وهي مؤنّثة، وللأول وجه، وهو أن تأنيثها مجازي، ولأنه مفصول بالجارّ والمجرور (بِهَا) أي بالصدقة (نَفْسُهُ) أي يكون راضيًا بذلك، وإنما قيّده به تنبيهًا على تحقّق النيّة؛ لَأنّ بعض الناس، من أصحاب النفوس المريضة بالبخل لا يرضى بخروج شيء من يده، وإن كان ملكًا لغيره، فربما يخرجها كارهًا بلا نيّة، فيفقد الأجر. زاد في رواية الشيخين: "فيدفعه إلى الذي أمر له به".

قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذه الأوصاف لا بدّ من اعتبارها في تحصيل أجر الصدقة للخازن، فإنه إن لم يكن مسلمًا لم يصحّ منه التقرّب، وإن لم يكن أمينًا كان عليه وزر الخيانة، فكيف يحصل له أجر الصدقة؟، وإن لم يَطِب بذلك نفسًا لم يكن له نيّةٌ، فلا يؤجر انتهى (٢).

(أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ) أي يشارك صاحب المال في الصدقة، فيصيران متصدّقَين، ويكون هو أحَدَهُما، هذا على أن الرواية بفتح القاف، وهو الذي صرّحوا به، قال في "الفتح": ضُبِطَ في جميع الروايات بفتح القاف انتهى. وقال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: لم نَرْوهِ إلا بالتثنية، ومعناه أنه بما فَعَلَ متصدّق، والذي أخرج الصدقة بما أخرج متصدّقٌ آخر، فهما متصدّقان. ويصحّ أن يقال على الجمع، ويكون معناه: أنه متصدّقٌ من جملة المتصدّقين انتهى (٣).

والحاصل أن الروايات صحّت بضبط "المتصدِّقَين" بالتثنية، فتتعيّن، وإن كان المعنى يستقيم على الجمع أيضًا بالمعنى المذكور. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:


(١) - "فتح" ج ١٢ ص ٦٥.
(٢) - راجع "المفهم" ج ٣ ص ٦٨. وراجع "الفتح" أيضًا ج ٤ ص ٥٦.
(٣) - "المفهم" ج ٣ ص ٦٨.