للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد اللَّه، فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد، وإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد أَمَرَنا بالصدقة، فأته فاسأله، فإن كان ذلك يُجزىء عني، وإلا صرفتها إلى غيركم، فقال لي عبد اللَّه: بل ائته أنت … ".

(فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ: سَلِي عَنْ ذَلِكَ، رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وسبب امتناعه عن السؤال ما بُيِّنَ في رواية المصنّف في "عشرة النساء ولفظه: وكان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قد أُلقيت عليه المهابة". فكما أن زينب هابت أن تسأله فكذلك عبد اللَّه هاب أن يسأله. وقيل: لعلّ امتناعه لأن سؤاله يُنبىء عن الطمع. والأول أظهر. واللَّه تعالى أعلم (قَالَتٌ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَإِذَا عَلَى بَابهِ، امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) "إذا" هنا هي الفُجَائيّة، أي ففاجأني وجود امرأة من الأنصار علىَ بابه - صلى اللَّه عليه وسلم - (يُقَالُ لَهَا: زَيْنَبُ) هي امرأة أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاريّ البدريّ - رضي اللَّه تعالى عنه -. ففي رواية المصنّف في "عشرة النساء" من طريق علقمة، عن عبد اللَّه، قال: انطلقت امرأة عبد اللَّه، وامرأة أبي (١) مسعود إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، كلّ واحدة تكتم صاحبتها أمرها … قال الحافظ: لم يذكر ابن سعد لأبي مسعود امرأة أنصاريّةً سوى هزيلة بنت ثابت بن ثعلبة الخزرجيّة، فلعلّ لها اسمين، أو وهم سمّاها زينب، انتقالًا من اسم امرأة عبد اللَّه إلى اسمها انتهى.

(تَسْألُ عَمَّا أَسْاَلُ عَنْهُ، فَخَرَجَ إِلَينَا بِلَالٌ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (فَقُلْنَا لَهُ: انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَسَلْهُ عَنْ ذَلِكَ) وفي رواية علقمة المذكورة: "فقالتا لبلال: ايت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقل: امرأتان لإحداهما فضلُ مال، وفي حجرها بنو أخ لها أيتام، فقالت الأخرى: إن لي فضل مال، ولي زوجٌ خفيف ذات اليد"(وَلَا تُخْبِرْهُ) "لا" ناهية، ولذا جُزم الفعل بعدها (مَنْ نَحْنُ؟) أي لا تعيّن اسمنا، بل قل: تسأل امرأتان، إرادة الإخفاء، مبالغة في نفي الرياء، أو رعاية للأفضل، وهذا أيضًا يصلح أن يكون وجهًا لعدم دخولهما. وقيل: المعنى: لا تخبره، أي بلا سؤال، وإلا فعند السؤال يجب الإخبار، فلا يمكن المنع عنه، ولذلك أخبر بلال بعد السؤال (فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) زاد في رواية: "فدخل، فسأله" (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (مَنْ هُمَا؟) أي من السائلتان؟. (قَالَ) بلال - رضي اللَّه تعالى عنه - مخبرًا عنهما، ومعينًا لهما لوجوبه عليه بطلب الرسول - صلى اللَّه عليه وسلم -، واستخباره (زَيْنَبُ) أي اسم كلّ واحدة منهما زينب (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَيُّ الزَّيَانِبِ؟) وإنما لم يقل أيّة بالتأنيث؛ لأنه يجوز التذكير والتأنيث، كما قال اللَّه تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: ٣٤] (قَالَ) بلال (زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ) بن مسعود (وَزَيْنَبُ الْأَنْصَارِيَّةُ) التي هي امرأة أبي مسعود.


(١) - في نسخة "الكبرى" "امرأة ابن مسعود"، والصحيح أبي مسعود، كما في "الفتح" ج ٤ ص ٩٠.