للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرجال كما مرّ آنفًا، وفيه رواية الابن عن أبيه، وفيه أبو سعيد - رضي اللَّه عنه - من المكثرين السبعة روى (١١٧٠) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ) سعد بن مالك بن سنان - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه (قَالَ: سَرَّحَتْنِي أُمِّي) بتشديد الراء، من التسريح، وهو الإرسال، أي أرسلتني (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي ليسأله شيئًا من المال لحاجة ألمّت بهم، كما بيّنته الرواية الآتية في المسألة الرابعة عن "التمهيد" لابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى- (فَأتَيْتُهُ، وَقَعَدْتُ، فَاسْتَقْبَلَنِي) يقال: استقبلت الشيء: إذا واجهته (وَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (مَنِ) هي في المواضع الثلاثة يحتمل أن تكون موصولة مبتدأ، ويحتمل أن تكون شرطيّة (اسْتَغنَى أَغْنَاهُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-) أي من طلب من اللَّه تعالى أن يُغنيه عن مسألة الناس رزقه الغنى عنهم، إما بأن يرزقه مالًا كثيرًا، أو يرزقه القناعة بما لديه، وإن قلّ (وَمَنِ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-) أي من طلب من اللَّه تعالى أن يرزقه العفاف من الحرام رزقه اللَّه تعالى الحلال الذي يمنعه من الوقوع في الحرام، أو يرزقه العفّة منه (وَمَنِ اسْتَكْفَى كَفَاهُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-) أي من طلب من اللَّه تعالى الكفاية رزقه ما يكفيه عن التعرّض لما عند الناس بالسؤال أو غيره (وَمَنْ) هي هنا شرطيّة؛ لاقتران جوابها بالفاء (سَأَلَ، وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ) - بضمّ الهمزة، وتشديد الياء- قال الفيّوميّ: هي عند العرب أربعون درهمًا، وهي في تقدير أُفعولة، كالأُعجوبة، والأُحدُوثة، والجمع الأواقيّ بالتشديد، والتخفيف. وقال ثعلبٌ في باب المضموم أوّلُهُ: وهي الأُوقيّة، والْوُقيّة لغة، وهي بضمّ الواو، هكذا هي مضبوطة في كتاب ابن السّكّيت. وقال الأزهريّ: قال الليث: الوُقيّة سبعة مثاقيل، وهي مضبوطة بالضمّ أيضًا. قال المطّرّزيّ: وهكذا هي مضبوطةٌ في شرح السنّة في عدّة مواضع، وجرى على ألسنة الناس بالفتح، وهي لغة حكاها بعضهم، وجمعُها وَقَايَا، مثلُ عَطيّة وعَطَيَا انتهى كلام الفيّوميّ (١).

سمّيت أوقيّة من الوقاية؛ لأن المال مخزون مصون، أو لأنه يقي الشخص من الضرورة.

قال الحافظ أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: والأوقية إذا أطلقت، فإنما يراد بها الفضّة، دون الذهب وغيره، هذا قول العلماء، ألا ترى إلى حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه تعالى عنه -: "ليس فيما دون خمس أوق صدقة" فلم يختلف العلماء أنه لم يَعنِ بذلك إلا


(١) - "المصباح المنير" في مادّة وقى.