للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد رَوَى عمارة بن غَزيّة، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدريّ، عن أبيه، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - نحو هذا الحديث الذي رواه عطاء بن يسار، عن الأسديّ، قال أبو سعيد: استُشهِد أبي يوم أحد، وتركَنَا بغير مال، فأصابتنا حاجة شديدة، فقالت لي أمّي: أَيْ بُنَيّ ائت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فاسأله لنا شيئًا، قال: فجئت، وهو في أصحابه جالسٌ، فسلّمتُ، وجلستُ، فاستقبلني، وقال: "من استغنى أغناه اللَّه، ومن استعفّ أعفّه اللَّه، ومن استكفّ كفاه اللَّه"، قال: قلت: ما يريد غيري، فرجعت، ولم أكلّمه في شيء، فقالت لي أمّي ما فعلتَ؟ فأخبرتها الخبر، فرزقنا اللَّه شيئًا، فصبرنا، وبلغنا، حتى ألحّت علينا حاجة هي أشدّ منها، فقالت لي أمّي: ائت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فسله لنا شيئًا، قال: فجته، وهو في أصحابه جالسٌ، فاستقبلني، فأعاد القول الأول، وزاد فيه: "من سأل، وله أوقيّةٌ، أو "قيمة أوقيّة، فهو مُلحف فقلت: إن لنا ناقةً خيرًا من أوقيّة، فرجعت، ولم أسأله.

هكذا رُوي هذا الحديث عن أبي سعيد، ورواه مالك، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثيّ، عن أبي سعيد الخدريّ بغير هذا اللفظ (١)، والمعنى واحد، إلا أنه لم يذكر فيه: "من سأل، وله أوقيّة" إلى آخره، وإنما هذا موجود من رواية مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد -يعني الحديث الآتي في الباب التالي-.

وهذا الحديث من حديث ابن شهاب محفوظ كما رواه مالك، وليس يُحفَظ حديث أبي سعيد الخدريّ المذكور فيه الأوقيّة إلا بالإسناد المذكور، عن عمارة بن غَزيّة، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، وهو لا بأس به، وقد احتجّ به أحمد بن حنبل انتهى كلام ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى- (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".


(١) - هو الحديث الذي تقدّم للمصنف برقم ٨٥/ ٢٥٨٨.
(٢) - "التمهيد" ج٤ ص ٩٤٩٥.