للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حمزة، أبو بشر الحمصيّ، ثقة عابد، من أثبت الناس في الزهريّ [٧] ٦٩/ ٨٥. وقوله: "ألم أُخبر" بالبناء للمفعول. وكذا قوله: "فإذا أُعطيتَ". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٦٠٨ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ, قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ - رضي اللَّه عنه - يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يُعْطِينِي الْعَطَاءَ, فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي, حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالاً, فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي,

فَقَالَ: «خُذْهُ, فَتَمَوَّلْهُ, وَتَصَدَّقْ بِهِ, وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ, وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ, وَلَا سَائِلٍ, فَخُذْهُ, وَمَا لَا, فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متفق عليه، و"سالم بن عبد اللَّه": هو ولد عبد اللَّه بن عمر شيخه في السند، وكان ثقة ثبتًا، عابدًا، فاضلًا، وهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين بالمدينة على بعض الأقوال، وكان يُشَبّه بأبيه في هديه، وسَمْته [٣] ٢٣/ ٤٩٠.

زاد في رواية مسلم في هذه الرواية من طريق عمرو بن الحارث، عن الزهريّ: "قال سالم: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسأل أحدًا شيئًا، ولا يردّ شيئًا أعطيه".

قال في "الفتح": وهذا بعمومه ظاهر في أنه كان لا يردّ ما فيه شبهة، وقد ثبت أنه كان يقبل هدايا المختار بن أبي عُبيد الثقفيّ، وهو أخو صفيّة بنت أبي عبيد زوج ابن عمر، وكان المختار غلب على الكوفة، وطرد عُمّال عبد اللَّه بن الزبير، وأقام أميرًا عليها مدّةً في غير طاعة خليفة، وتصرّف فيما يتحصّل منها من المال على ما يراه، ومع ذلك فكان ابن عمر يقبل هداياه، وكأن مستنده أن له حقًّا في بيت المال، فلا يضرّه على أي كيفيّة وصل إليه، أو كان يرى أن التَّبِعة في ذلك على الآخذ الأول، أو أن للمعطي المذكور مالًا آخر في الجملة، وحقّا مّا في المال المذكور، فلما لم يتميّز، وأعطاه له عن طيب نفس دخل في عموم قوله: "ما أتاك من هذا المال من غير سؤال، ولا استشراف، فخذه"، فرأى أنه لا يُستَثنَى من ذلك إلا ما عَلِمَهُ حرامًا محضًا انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".


(١) - راجع "الفتح" ج ١٥ ص ٥٥.