فيما ذكر الواقديّ يوم مات أبو بكر الصدّيق. وقال محمد بن سلاّم الْجُمَحيّ وغيره: جاء نَعْي أبي بكر إلى مكة يوم دُفن عَتَّاب، وكان عتّاب رجلًا صالحًا خيّرًا فاضلًا.
قال مصعب الزُّبَيريّ: خطب عليّ بن أبي طالب جُويرية بنت أبي جهل، فشقّ ذلك على فاطمة، فأرسل إليها عتّابٌ: أنا أريحك منها، فتزوّجها، فولدت له عبد الرحمن بن عتّاب. قال أبو داود: لم يسمع سعيد بن المسيّب من عتّاب شيئًا.
وقال أيوب بن عبد اللَّه بن يسار، عن عمرو بن أبي عَقْرب: سمعت عتّاب بن أَسِيد، فذكر حديثًا. انتهى.
أخرج له الأربعة، وله عندهم حديث في الخَرْص -يعني هذا الحديث- وعند ابن ماجه آخر في النهي عن شِفَ ما لم يُضْمَن.
وقال الحافظ معلّقا على حكايته أيوب بن عبد اللَّه المذكورة-: ومقتضاه أن عتّابًا تأخّرت وفاته عما قال الواقديّ؛ لأن أيوب ثقة، وعمرو بن أبي عَقْرب ذكره البخاريّ في التابعين، وقال: سمع عتّابًا.
وقد ذكر أبو جعفر الطبريّ عتابًا فيمن لا يُعرف تاريخ وفاته، وقال في "تاريخه": إنه كان والي مكّة لعمر سنة عشرين. وذكره قبل ذلك في سنين عمر، ثمّ ذكره في سنة (٢١)، ثم في سنة (٢٢)، ثم قال في مقتل عمر سنة (٢٣): قُتل، وعاملُهُ على مكّة نافع ابن عبد الحارث انتهى.
فهذا يشعر بأن موت عتاب كان في أواخر سنة (٢٢)، أو أوائل سنة (٢٣)، فعلى هذا فيصحّ سماع سعيد بن المسيّب منه. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام الحافظ.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: خلاصة ما ذُكر أن الأرجح تأخّر وفات عتّاب، عما قاله الواقديّ؛ لأن الواقديّ ضعيف جدًّا، فلا تقبل روايته، ولا سيّما وقد خالفه ثقة؟، فسماع سعيد عن عتّاب هو الظاهر. وقد تقدم هذا البحث في -٢٦/ ٢٤٩١ - واللَّه تعالى أعلم.
(أنْ يَخْرُصَ الْعِنَبَ) بضم الراء، يقال: خَرَصتُ العنب خَرْصًا، من باب قتل: قدّرتُ ثمره، والاسم الْخِرْص -بالكسر- (فَتُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا) ببناء الفعل للمفعول، أي تدفع زكاته إلى مستحقّيها صالحة للانتفاع (كمَا تُؤَدَّى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا) أشار به إلى أن الزكاة لا تُخرج عقب الخرص، وإنما تُخرج إذا صار الرُّطَب تمرًا، والعنب زبييًا.
وإنما جعل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - خرص العنب كخرص النخل؛ لأنه يُخرص من التمر ما يحيط به البصر ظاهرًا، ولا يحول دونه حائلٌ، ولا يخفى في ورق الشجر، والعنب في هذا المعنى، فلذا شُبّه بالنخل، بخلاف سائر الثمار، فإن هذا المعنى معدوم فيها.
أو لأن خيبر فُتحت أوّلًا سنة سبع، وبها نخلٌ، وبَعث إليهم - صلى اللَّه عليه وسلم - عبد اللَّه بن رواحة،