للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ينظر إليهن، فوضع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يده، من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر، حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى، التي تخرج على الجمرة الكبرى, حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثا وستين بيده، ثم أعطى عليا، فنحر ما غَبَرَ (١)، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قِدْر، فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثم ركب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب، يسقون على زمزم، فقال: "انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم، لنزعت معكم"، فناولوه دلوا، فشرب منه (٢).

قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرحه": حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - حديث عظيم، مشتمل على جُمَل من الفوائد، ونفائس من مهمات القواعد، وهو من أفراد مسلم، لم يروه البخاريّ في "صحيحه"، ورواه أبو داود كرواية مسلم. قال القاضي: وقد تكلّم الناس على ما فيه من الفقه، وأكثروا، وصنّف فيه أبو بكر ابن المنذر جزءًا كبيرًا، وخرّج فيه من الفقه مائة ونيّفًا وخمسين نوعًا, ولو تقصّى لزاد على هذا القدر قريبٌ منه انتهى (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: لم يروه البخاريّ في "صحيحه"، كأنه أراد بهذا السياق مثل رواية مسلم بطوله، من رواية جعفر الصادق، عن أبيه، عنه، وإلا فقد أخرجه البخاريّ في عدة أبواب من "صحيحه"، لكن من رواية عطاء بن أبي رباح، عنه، مقطّعًا، كما سأذكره في المسألة الثانية، إن شاء اللَّه تعالى.

(فحَدَّثَنَا) أي جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ) حين أمر أصحابه بأن يتحللوا عن إحرامهم بعمل العمرة، وشقّ عليهم ذلك، حيث إنهم توقّفوا، وتردّدوا، وراجعوه (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ) أي لو علمت في قُبُلٍ (مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ) أي ما علمته في دُبُر منه، والمعنى لو ظهر لي هذا الأمر الذي ظهر لي الآن لأمرتكم به في أول الأمر، وابتداء خروجي، و (لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ) بضم السين، يعني لما جعلت عليّ هديًا،


(١) بضمتين جمع ظعينة كسفينة وسُفُن: النساء في الهَوْدَج.
(٢) - راجع "صحيح مسلم" بنسخة شرح النوويّ ٨/ ٤٠٢ - ٤٢١.
(٣) - شرح مسلم ٨/ ٤٠٢ - ٤٠٣.