للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القولان، كما تقدّم، واللَّه أعلم انتهى المقصود من كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بما ذُكر أن الأرجح في حجة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه حجّ قارنًا، وذلك أنه كان أوّلاً مفردًا، ثم أدخل عليه العمرة في وادي العقيق لما قيل له: "قل: عمرة في حجة"، فصار قارنًا، وأما من قال: تمتّع، فمعناه أمر به، وتمناه، وبهذا تجتمع الأحاديث في هذا الباب دون تعارض. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في أيّ الأنساك الثلاثة أفضل:

قال الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى-: اختلف العلماء في أفضل وجوه الإحرام بحسب اختلافهم فيما فعله النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عام حجة الوداع على أقوال: (أحدها): أن الأفضل الإفراد، وهو مذهب مالك، والشافعيّ، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر، وجابر، وعائشة، وأبي ثور، وحكاه النوويّ في "شرح المهذّب" عنهم، وعن عمر، وعثمان، وعليّ، وابن مسعود، والأوزاعيّ، وداود، قال المالكيّة، والشافعيّة: ثم الأفضل بعد الإفراد التمتّع، ثم القران.

(الثاني): أن التمتّع أفضل، وهو قول أحمد بن حنبل، قال ابن قُدامة في "المغني": وممن رُوي عنه اختيار التمتع ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وعائشة، والحسن، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وجابر بن زيد، وسالم، والقاسم، وعكرمة، وهو أحد قولي الشافعيّ، وحكاه الترمذيّ عنه، وعن أحمد، وإسحاق، وأهل الحديث، قال الحنابلة: ثم الأفضل بعد التمتع الإفراد، ثم القران.

(الثالث): أن القرآن أفضل، وهذا قول أبي حنيفة، وحكاه ابن المنذر عن سفيان الثوريّ، وإسحاق ابن راهويه، ثم قال: لا شكّ أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان قارنًا انتهى.

وهو قول للشافعيّ، وقال به من أصحاب الشافعيّ المزنيّ، وأبو إسحاق المروزيّ، وإليه ذهب ابن حزم الظاهريّ، كما تقدّم، والمشهور عند الحنفيّة أن الأفضل بعد القران التمتّع، ثم الإفراد، وعن أبي حنيفة أن الإفراد أفضل من التمتّع.

(الرابع): أنه إن ساق الهدي فالقران أفضل، وإن لم يسقه فالتمتّع أفضل. حكاه المروزيّ عن أحمد بن حنبل.

(الخامس): أن الأنواع الثلاثة سواء في الفضيلة، لا فضيلة لبعضها على بعض. حكاه القاضي عياض عن بعض العلماء.


(١) - "فتح" ٢١٥ - ٢١٨.