للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - في قصّة إبراهيم وإسماعيل - عليهما الصلاة والسلام -: "قال: -يعني إبراهيم- يا إسماعيل، إن اللَّه أمرني أن أبني ههنا بيتًا، وأشار إلى أَكَمَة مرتفعة على ما حولها، فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر، فوضعه له، فقام عليه، وهو يبني … " الحديث. أخرجه البخاريّ (١).

(رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ) وهما واجبتان عند الحنفية، وهو قول لمالك والشافعيّ؛ للأمر بهما في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} الآية [البقرة: ١٢٥]، ولمواظبته - صلى اللَّه عليه وسلم - عليهما. وقال أحمد: صلاة الطواف سنة، وهو الأصحّ عند الشافعيّة، حملوا الأمر في الآية على الاستحباب.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول بالاستحباب هو المختار؛ لحديث: "خمس صلوات كتبهنّ اللَّه على عباده. . ."الحديث.

ويستحبّ أن يقرأ في الركعة الأولى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}؛ لما في "صحيح مسلم" من حديث جابر الطويل: "ثم نفذ إلى مقام إبراهيم - عليه السلام -، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} الآية [البقرة: ١٢٥]، فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي (٢) يقول: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: كان يقرأ في الركعتين {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}. وسيأتي للمصنّف -١٦٤/ ٢٩٦٣ - بسند صحيح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللَّه - رضي اللَّه تعالى عنهما -: أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لما انتهى إلى مقام إبراهيم، قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، فصلى ركعتين، فقرأ فاتحة الكتاب، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ثم عاد إلى الركن، فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا".

(فَانْصَرَفَ فَأتى الصَّفَا) ظاهره أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - توجّه إلى الصفا عقب ركعتي الطواف قبل أن يسلتم الحجر، وأنه لم يستلمه حال الطواف، لكن ثبت في حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - الطويل عند مسلم في صفة حجة النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ثم رجع إلى البيت، فاستلم الركن، ثم خرج من الباب إلى الصفا"، وسيأتي للمصنّف -١٥٦/ ٢٩٤٧ - في حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يستلم الركن اليماني، والحجر في كلّ طواف". ولأبي داوداد: "كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لا يدع أن يستلم الركن اليماني، والحجر الأسود في كلّ طوفة" (فَطَافَ) أي سعى (بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) أي بينهما (سَبْعَةَ


(١) - انظر "الفتح" في "كتاب أحاديث الأنبياء" ٦/ ٢٥٥.
(٢) - القائل هو جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين المعروف بالصادق. وأبوه هو المعروف بالباقر.