أي فسخت الحجّ، وجعلته عمرة، فلهذا أمر أبا موسى بالتحلّل؛ لأنه لم يكن معه هديٌ، بخلاف عليّ. قال عياض: وجمهور الأئمة على أن فسخ الحجّ إلى العمرة كان خاصًّا بالصحابة انتهى.
وقال ابن المنيّر في "الحاشية": ظاهر كلام عمر التفريق بين ما دلّ عليه الكتاب، ودلّت عليه السنّة، وهذا التأويل يقتضي أنهما يرجعان إلى معنى واحد. ثم أجاب بأنه لعله أراد إبطال وهم من توهّم أنه خالف السنّة، حيث منع من الفسخ، فتبيّن أن الكتاب والسنة متوافقان على الأمر بالإتمام، وأن الفسخ كان خاصًّا بتلك السنة؛ لإبطال اعتقاد الجاهلية أن العمرة لا تصحّ في أشهر الحجّ انتهى.
وأما إذا قلنا: كان قارنا، على ما هو الصحيح المختار، فالمعتمد ما ذكر النوويّ. واللَّه أعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم أن الصواب أن فسخ الحجّ إلى العمرة ليس خاصًا بتلك السنة، بل هو سنة مستمرة إلى يوم القيامة، كما بينه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فتنبّه. واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
قال: واستُدِلّ به على جواز الإحرام المبهم، وأن المحرم به يصرفه لما شاء، وهو قول الشافعيّ، وأصحاب الحديث، ومحلّ ذلك ما إذا كان الوقت قابلاً، بناء على أن الحجّ لا ينعقد في غير أشهره. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-.
وتمام البحث في الحديث تقدّم قبل حديثين. واللَّه تعالى وليّ التوفيق، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٧٣٩ - (أَخْبَرَنِي (١) إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ, عَنْ مُطَرِّفٍ, قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ, إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَدْ تَمَتَّعَ, وَتَمَتَّعْنَا مَعَهُ, قَالَ فِيهَا قَائِلٌ بِرَأْيِهِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح غير شيخه "إبراهيم بن يعقوب" وهو الجُوزجانيّ، نزيل دمشق، الحافظ الثبت [١١] ١٢٢/ ١٧٤ فإنه من أفراد المصنّف وأبي داود والترمذي. و"عثمان بن عمر": هو العبديّ البصريّ، بخاريّ الأصل، ثقة [٩] ١٥١/ ١١١٨.
وقوله: "قال فيها" أي في النهي عن المتعة، قائل برأيه، أي فلا عبرة له في مقابلة صريح السنة. واللَّه تعالى أعلم.
والحديث متّفق عليه، وقد تقدم في ٤٩/ ٢٧٢٦ - وتقدم تمام البحث فيه هناك،
(١) - وفي نسخة: "أخبرنا".