للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه طوافين، وسعيين، وسيأتي تحقيق فيه في محله إن شاء اللَّه تعالى.

(ومنها): أن القارن يهدي كالمتمتع، وبه قال العلماء، من فضّل منهم القران على غيره، ومن جعله مرجوحًا، ومن قال بإتيان القارن بأعمال النسكين، ومن قال بالاقتصار على عمل واحد. وخالف في ذلك ابن حزم، فقال: لا هدي على القارن. والراجح قول الجمهور, لأن التمتع والقران معناهما واحد في اللغة، وعرف السلف، فتشلمهما آية {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في مذاهب أهل العلم في إدخال الحجّ على العمرة، وعكسه:

ذهب جمهور السلف والخلف إلى جواز إدخال الحجّ على العمرة، وهو قول الأئمة الأربعة، لكن شرطه عند أكثرهم أن يكون قبل طواف العمرة، ثم اختلفوا، فقالت الشافعيّة، والحنابلة: الشرط في صحّته أن يكون قبل الشروع في الطواف، وبه قال أشهب من المالكيّة، وصوّبه ابن عبد البرّ.

وقالت الحنفيّة: الشرط أن يكون قبل مضيّ أكثر الطواف، فمتى كان إدخاله الحجّ على العمرة بعد مضيّ أربعة أشواط لم يصحّ. وقال ابن القاسم: يصحّ ما لم يكمل الطواف. وعنه رواية أخرى ما لم يركع ركعتي الطواف. وقال القاضي أبو محمد من المالكيّة: يصحّ ما لم يكمل السعي. فهذا مع ما تقدّم عن أشهب أربعة أقوال عند المالكيّة. وشذّ بعض الناس فمنع إدخال الحجّ على العمرة، وقال: لا يُدخَل إحرام على إحرام، كما لا تُدخل صلاة على صلاة. وحكاه ابن عبد البرّ عن أبي ثور، ثم نقل الإجماع على خلافه.

وأما إدخال العمرة على الحجّ فمنعه الجمهور، وهو قول مالك، والشافعيّ، وأحمد. وجوّزه أبو حنيفة، وهو قول قديم للشافعيّ. قاله وليّ الدين (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة -رحمه اللَّه تعالى- من جواز إدخال الحجّ على العمرة هو الحقّ عندي؛ لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فعله، ولم يرد نصّ يمنع عنه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".


(١) - "طرح التثريب" ٥/ ١٦٢.