الصحيح، غير خصيف، وهو ضعيف. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ.
(ومنها): أن فيه ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - أحد العبادلة الأربعة المجموعين في قول السيوطيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "ألفية الحديث":
وَالْبَحْرُ وَابْنَا عُمَرٍ وَعَمْرِ … وَابْنُ الزبَيرِ فِي اشْتِهَار يَجْرِي
دُونَ ابْنِ مَسعود لَهُمْ عَبَادِلَهْ … وَغَلَّطُوا مَنْ غَيْرَ هَذَا مَالَ لَهْ
وهو أحد المكثرين السبعة المجموعين في قول بعضهم:
إِذَا قِيلَ مَنْ في الْعِلْمِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ … مَقَالَتُهُمْ لَيسَتْ عَنِ الْحَقَّ خَارِجَهْ
فَقُلْ هُمْ عُبَيدُ اللَّه عُرْوَةُ قَاسِمٌ … سَعِيدٌ أَبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَهْ
وقد تقدّم هذا كلّه، وإنما أعدته تذكيرًا لطول العهد به. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أَهَلَّ) أي رفع صوته بالتلبية (فِي دُبُرِ الصَّلاةِ) بضم الدال المهملة، والموحّدة أيضًا: أي عقبها.
والحديث يدلّ على استحباب الإهل. عقب الصلاة. قال الإمام الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بعد أن أخرج الحديث: وهو الذي يستحبّه أهل العلم أن يُحرم الرجل في دُبُر الصلاة انتهى.
وبهذا أخذ الحنفية، فقالوا: المستحبّ أن يحرم عقب الصلاة، وهو جالس قبل ركوب دابته، وقبل قيامه، وهو قول ضعيف للشافعيّ. واحتجّوا بحديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا، لكنه ضعيف؛ كما سيأتي.
وذهب مالك، والشافعيّ، والجمهور إلى أن الأفضل أن يحرم إذا انبعثت به راحلته؛ لما في "الصحيحين"، وغيرهما من حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أهلّ حين استوت به راحلته". وفي لفظ لمسلم: "كان - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا وضع رجله في الغرز، وانبعثت به راحلته قائمة أهلّ". وفي لفظ: "لم أره يهُلّ حتى تنبعث به راحلته". وللبخاريّ من حديث أنس - رضي اللَّه عنه -: "فلما ركب راحلته، واستوت به أهلّ". وله من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -: "إن إهلال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - من ذي الحليفة حين استوت به راحلته".
ولمسلم من حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهلّ". وقد تقدم ما يجمع بين هذه الأحاديث من حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - عند أحمد، وأبي داود، والحاكم، قال الحافظ: لو ثبت لرجح ابتداء الإهلال عقب الصلاة، إلا أنه من رواية خُصيف بن عبد الرحمن الجزريّ، وفيه