للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[ثانيهما]: أن الحسن لم ينفرد بذلك، ففي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي العالية أنه قال: لا تقرأ الحائض القرآن، ولا تصلي، ولا تطوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، وقال: الطواف بين الصفا والمروة عدل الطواف بالبيت. وعن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة". وهو في "الموطإ" عن ابن عمر أيضًا: "لا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصفا والمروة، ولا تقرب المسجد حتى تطهر". وهو رواية عن أحمد بن حنبل أنه تجب له الطهارة كالطواف، حكاها عن ابن تيمية في "المحرّر". انتهى كلام وليّ الدين (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: جاء في رواية يحيى بن يحيى في "الموطإ" في حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، مرفوعًا: "غير أن لا تطوفي بالبيت، ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري". قال ابن عبد البرّ: لم يقله من رواة "الموطإ"، ولا غيرهم إلا يحيى انتهى.

وأشار بهذا إلى أنها شاذّة، فإن صحّت هذه الرواية دلّت على وجوب الطهارة للسعي، وإلا فالأصل البقاء على جواز السعي بلا طهارة، لعدم دليل الوجوب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: اختلف في جواز السعي قبل الطواف، فذهب الجمهور -كما قاله في "الفتح" - إلى أنه لا يجوز، وحكي ابن المنذر عن عطاء قولين فيمن بدأ بالسعي قبل الطواف بالبيت، وبالإجزاء قال بعض أهل الحديث، واحتجّ بحديث أسامة بن شريك: "أن رجلاً سأل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: سعيت قبل أن أطوف؟، قال: طف، ولا حرج" وهو حديث صحيح. وتأوله الجمهور على من سعى بعد طواف القدوم، وقبل طواف الإفاضة. قاله في "الفتح" (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي ذهب إليه القائلون بجوزا تقديم السعي على الطواف هو الأرجح عندي؛ لحديث أسامة - رضي اللَّه عنه - المذكور، وما أول به الجمهور فيه نظر؛ إذ لو كان كذلك لاستفصله النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - هل سعى بعد طواف القدوم أم لا؟، فلما لم يستفصله عُلم أنه على عمومه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٧٦٤ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ, وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ, قِرَاءَةً عَلَيْهِ, وَأَنَا أَسْمَعُ - وَاللَّفْظُ لَهُ- عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ, قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ,


(١) - "طرح التثريب" ٥/ ١٢٢ - ١٢٣.
(٢) -"فتح" ٤/ ٣١٤.