وقال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: ضبطنا "سنةَ" بالنصب على الاختصاص، أو على إضمار فعل: أي تمسّكوا، ونحوه. وقال السيهيليّ -رحمه اللَّه تعالى-: من نصب "سنة" فهو بإضمار الأمر، كأنه قال: الزموا سنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. ويمكن أن يقال: خبر "ليس" على قول عياض، والسهيليّ جملة قوله:"طاف بالبيت الخ". قال العينيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وهو أيضًا سدّ مسدّ جواب الشرط.
قال الطبريّ: قوله: "حسبكم سنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -" فيه إشعار بالتسوية بين حصر العَدُوّ والمرض، فإن معنى قوله:"حسبكم سنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -" أي في التحلّل بهذا العذر، دون اشتراط (١).
(إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنِ الْحَجَّ) ببناء الفعل للمفعول: أي مُنِعَ عن ركن الحجّ الأعظم، وهو الوقوف بعرفة بسبب من الأسباب، كالمرض، أو العدوّ (طَافَ بِالْبَيْتِ) أي إذا أمكنه ذلك، وفي رواية عبد الرزاق: إن حَبس أحدًا منكم حابس عن البيت، فإذا وصل إليه طاف به … الحديث (وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) أي سعى بينهما، زاد في الرواية التالية:"ثم ليحلق، أو يقصّر"(ثُمَّ حَلِّ) أي بالحلق والذبح (مِنْ كلِّ شَيءٍ) حرُم عليه بالإحرام (حَتَّى يَحُجِّ عَامًا) ظرف متعلّق بما قبله (قَابِلاً) صفة لـ"عاما"(وَيُهْدِي) بضم أوله، من الإهداء، أي يذبح شاة؛ إذ التحلّل لا يحصل إلا بنية التحلّل، والذبح، والحلق. قاله الكرمانيّ (وَيَصُومُ، إِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا) أي حيث شاء. وفي قوله:"حتى يحجّ عامًا قابلاً" دلالة على وجوب الحجّ من القابل على من أحصر، وفيه اختلاف بين أهل العلم في ذلك، سيأتي بيانه في -١٠٢/ ٢٨٥٩ - إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٦١/ ٢٧٦٩ و ٢٧٧٠ - وفي "الكبرى" ٦٠/ ٣٧٥٠ و ٣٧٥١. وأخرجه (خ) في "كتاب المحصر" ١٨١٠ (ت) في "الحجّ" ٩٤٢ (أحمد) في "مسند المكثرين" ٤٤٦٦ و ٤٥٨٢ و ٥١٤٣. واللَّه تعالى أعلم.