- رضي اللَّه عنه -: "كنا أربع عشرة مائة"، وفي رواية زهير عنه:"أنهم كانوا ألفًا وأربعمائة، أو أكثر". ووقع في حديث جابر - رضي اللَّه عنه - من طريق سالم بن أبي الجعد عنه:"أنهم كانوا خمس عشرة مائة"، ومن طريق قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: بلغني عن جابر: "أنهم كانوا أربع عشرة مائة"، فقال سعيد: حدثني جابر: "أنهم كانوا خمس عشرة مائة"، ومن طريق عمرو بن دينار، عن جابر:"كانوا ألفًا وأربعمائة"، ومن طريق عبد اللَّه بن أبي أوفى:"كانوا ألفًا وثلاثمائة". ووقع عند ابن أبي شيبة من حديث مُجمِّع بن جارية:"كانوا ألفًا وخمسمائة".
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، فمن قال: ألفًا وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال: ألفا وأربعمائة ألغاه، ويؤيده قوله في حديث البراء:"ألفًا وأربعمائة، أو أكثر"، واعتمد على هذا الجمع النوويّ. وأما البيهقيّ، فمال إلى الترجيح، وقال: إن رواية من قال: "ألفا وأربعمائة" أصحّ، ثم ساقه من طريق أبي الزبير، ومن طريق أبي سفيان، كلاهما عن جابر كذلك، ومن رواية معقل بن يسار, وسلمة بن الأكوع، والبراء بن عازب، ومن طريق قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه. ومعظم هذه الطرق عند مسلم. ووقع عند ابن سعد في حديث معقل بن يسار:"زهاء ألف وأربعمائة"، وهو ظاهر في عدم التحديد. وأما قول عبد اللَّه أبي أوفى:"ألفًا وثلاثمائة"، فيمكن حمله على ما اطلع هو عليه، واطلع غيره على زيادة ناس، لم يطّلع هو عليهم، والزيادة من الثقة مقبولة، أو العدد الذي ذكره جملة من ابتداء الخروج من المدينة، والزائد تلاحقوا بهم بعد ذلك، أو العدد الذي ذكره هو عدد المقاتلة، والزيادة عليها من الأتباع من الخدم، والنساء، والصبيان الذين لم يبلغوا الحلم. وأما قول ابن إسحاق: إنهم كانوا سبعمائة، فلم يوافق عليه؛ لأنه قاله استنباطًا من قول جابر:"نحرنا البدنة عن عشرة"، وكانوا نحروا سبعين بدنة. وهذا لا يدلّ على أنهم لم ينحروا غير البدن، مع أن بعضهم لم يكن أحرم أَصلاً.
وجمع الحافظ أيضًا بين رواية الباب بأنهم كانو بضع عشرة مائة، وبين ما تقدّم بأن الذين بايعوا كانوا كما تقدم، وزاد على ذلك كانوا غائبين عنها، كمن توجه مع عثمان إلى مكة، على أن لفظ البضع يصدق على الخمس، والأربع، فلا تخالف.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: التوجيه الأخير هو الأقرب عندي. واللَّه تعالى أعلم