للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: لأن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - استيقظ لها، وقد أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت.

فتناول قوله - صلى اللَّه عليه وسلم - "السبع العادي" الأسد، والنمر، وغيرهما من السباع، بل قوله: "الكلب العقور" يتناول هذه الأشياء، كما سنحكيه بعد ذلك.

وما ذكره من أن مفهوم العدد حجة محكيّ عن الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-، لكن ذهب القاضي أبو بكر الباقلاّني، وإمام الحرمين، وغيرهما إلى أنه ليس بحجة، وجزم به البيضاويّ في "مختصره"، وكذا قال الإمام فخر الدين: إنه ليس بحجة، إلا أنه قال: قد يدلّ عليه لدليل منفصل.

ثم إن المشهور عن الحنفية أنهم لا يقولون بالمفاهيم مطلقًا؛ لا هذا المفهوم، ولا غيره، وبتقدير قولهم بالمفهوم، فهم لم يقفوا عند هذا المفهوم، بل ضمّوا إليها الحية، والذئب أيضًا، كما تقدم، والنصّ على الحية في "صحيح مسلم" وغيره، كما تقدم. وفي حديث أبي سعيد الخدريّ ذكر السبع العادي، وهو ينافي الوقوف عند هذا المفهوم، فإنها مع الحية، والسبع العادي، ليست خمسًا، بل سبع، كيف؟، وقد جاء في بعض الروايات "خمس"، وفي بعضها "أربع"، فلو كان هذا المفهوم حجة لتدافع هذان المفهومان، وسقطا. انتهى منقولا مما كتبه الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى- في كتابه "طرح التثريب" بتصرّف (١).

وقال أبو محمد ابن حزم -رحمه اللَّه تعالى-: وجائز للمحرم في الحل والحرم، وللمُحِلِّ في الحرم والحل قتلُ كلّ ما ليس بصيد من الخنازير، والأسد، والسباع، والقمل، والبراغيث، وقِرْدَان بعيره، أو غير بعيره، والحلم كذلك، وَنَسْتَحِبُّ لهم قتل الحيات، والفيران، والحدإ، والغِرْبَانِ، والعقارب، والكلاب العقورة، صغار كل ذلك وكباره سواء، وكذلك الوزغ، وسائر الهوامّ، ولا جزاء في شيء من كل ما ذكرنا, ولا في القمل، فإن قتل ما نُهيَ عن قتله من هدهد، أو صُرَد، أو ضفدع، أو نمل، فقد عصى، ولا جزاء في ذلك.

برهان ذلك أن اللَّه تعالى أباح قتل ما ذكرنا، ثم لم ينه المحرم إلا عن قتل الصيد فقط، ولا نهى إلا عن صيد الحرم فقط، ولا جعل الجزاء إلا في الصيد فقط، فمن حَرَّمَ ما لم يأت النص بتحريمه، أو جعل جزاءً فيما لم يات النص بالجزاء فيه فقد شرع في الدين ما لم يأذن به اللَّه.

ثم ناقش أدلة العلماء الذين تقدمت أقوالهم مناقشة حادَة على عادته، وقد أجاد في ذلك بما لا تجده في غير كتابه (٢).


(١) - "طرح التثريب" ٥/ ٥٨ - ٦٣.
(٢) راجع "المُحَلَّى" جـ ٧ ص ٢٣٨ - ٢٤٦.