للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والتستر أينما وقعت، فتتبعها تجدها كذلك. ووبيصُ الجانّ وغيره، لمعانُهُ، وبريقُهُ. قال عياض: وقيل: الجنّان ما لا يتعرّض للناس، والجنّل ما يتعرّض لهم، ويؤذيهم، وأنشدوا:

تَنَازَعَ جِنَّانٌ وَجِنٌ وَجِنَّلُ

وعن ابن عباس، وابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهم -: الجَنّان مسخ الجنّ (١) كما مسخت القردة من بني إسرائيل، وعوامر البيوت: هي ما يعمره من الجنّ، فيتمثّل في صور الحيّات، وفي غيرها. انتهى (٢).

(إلاَّ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ) تثنية طفية بضم الطاء المهملة، وسكون الفاء، أي صاحب الخطين الأبيضين على ظهره. والطُّفية في الأصل خوصة المقل، والطُّفي خوص المقل، شبّه به الخطّ الذي على ظهر الحيّة. وقال ابن عبد البرّ: يقال: إن ذا الطفيتين جنس من الحيات، يكون على ظهره خطّان أبيضان (وَالْأَبْتَرَ) هو مقطوع الذنب، زاد النضر بن شُميل أنه أزرق اللون، لا تنظر إليه حامل إلا ألقت. وقيل: الأبتر الحية القصيرة الذنب. قال الداوديّ: هي الأفعى التي تكون قدر شبر، أو أكثر قليلاً. وقوله: "والأبتر" يقتضي التغاير بين ذي الطفيتين، والأبتر. ووقع في حديث أبي لبابة عند البخاريّ: "لا تقتلوا الحيات إلا كلّ أبتر ذي طفيتين"، وظاهره اتحادهما، لكن لا ينفي المغايرة. قاله في "الفتح" (٣).

(فَإِنَّهُمَا) الفاء تعليلية، أي لأنهما (يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ) أي يمحوان نوره، ويخطفانه.

قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: فيه تأويلان، ذكرهما الخطّابيّ، وآخرون:

أحدهما: معناه يخطفان البصر، ويطمسانه بمجرّد نظرهما إليه؛ لخاصة جعلها اللَّه تعالى في بصريهما، إذا وقع على بصر الإنسان، ويؤيّد هذا الرواية الأخرى في مسلم: "يخطفان البصر"، والرواية الأخرى: "يلتمعان البصر".

والثاني: أنهما يقصدان البصر باللسع، والنهش، والأول أصحّ، وأشهر. قال العلماء: وفي الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع نظره على عين إنسان مات من ساعته. واللَّه تعالى أعلم. انتهى (٤). (وُيسْقِطَانِ مَا فِي بُطُونِ النَّسَاءِ") وفي رواية البخاريّ: "ويستسقطان الحبل" أي يسقطان بما في هما من الخاصيّة ما في بطون النساء الحوامل


(١) - هذا فيه نظر؛ لأنه ثبت أن الممسوخ لا يعيش، ولا نسل له.
(٢) - "المفهم" ٥/ ٥٣٤.
(٣) - "فتح" ٦/ ٥٠٣. "كتاب بدء الوحي".
(٤) - "شرح مسلم" ١٤/ ٤٥٠.