للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ نُبَيَّهِ) -بالتصغير- (ابنِ وَهْبٍ) العَبْدريّ (أَنِّ أَبّانَ بنَ عُثْمَانَ) بن عفّان (قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ ابْنَ عَفَّانَ) - رضي اللَّه تعالى عنه -.

وفي الحديث قصّة، أخرجها مسلم في "صحيحه" بإسناده، عن نبيه بن وهب، أن عمر بن عبيد اللَّه، أراد أن يزوج طلحة بن عمر، بنتَ شيبة بن جبير، فأرسل إلى أبان ابن عثمان، يحضر ذلك، وهو أمير الحجّ، فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان، يقول: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا يَنكح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب" (يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ" بفتح حرف المضارعة، و"لا" نافية، والفعل مرفوع، والمراد النهي. ويحتمل أن تكون "لا" ناهية، والفعل مجزوم، مكسور لالتقاء الساكنين، أي لا يعقد النكاح لنفسه (وَلا يَخْطُبُ) بفتح أوله، من باب قتل، يقال: خطب المرأة إلى القوم: إذا طلب أن يتزوّج منهم، واختطبها، والاسم الخِطْبة -بالكسر-، فهو خاطب، وخَطّاب مبالغة. وأما الخُطبة بالضمّ، فهي الموعظة، يقال: خطب القومَ، وعليهم، من باب قتل أيضًا، خُطبة بالضم، وهي فُعلة بمعنى مفعولة، نحو نُسخة بمعنى منسوخة، وغرفة من ماء بمعنى مغروفة، وجمعها خُطب، مثل غرفة وغُرف، فهو خطيب، والجمع خُطباء، وهو خطيب القوم: إذا كان هو المتكلم عنهم. قاله الفيّوميّ.

وقال النوويّ: النهي هنا نهي تنزيه، ليس بحرام.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله النووي غريب؛ لأنه سيأتي له أن النهي في النكاح نهي تحريم، فيبطل به النكاح، فلماذا فرق بين النكاح والخِطْبة؟، وقد وردا في نصّ واحد، وما هو الدليل الذي يدلّ على التفريق بينهما؟. واللَّه تعالى أعلم.

قال: وكذلك يكره للمحرم أن يكون شاهدًا في نكاح عقده المحلون. وقال بعض أصحابنا: لا ينعقد بشهادته؛ لأن الشاهد ركن في عقد النكاح، كالوليّ. والصحيح الذي عليه الجمهور انعقاده انتهى.

(وَلَا يُنْكِحُ) بضم أوله، من الإنكاح، أي لا يعقد لغيره. قال النوويّ: معناه: لا يزوّج امرأة بولاية، ولا وكالة. قال العلماء: سببه أنه لما امتنع في مدة الإحرام من العقد لنفسه، صار كالمرأة، فلا يعقد لنفسه، ولا لغيره. وظاهر هذا العموم أنّه لا فرق بين أن يزوّج بولاية خاصّة، كالأب، والأخ، والعمّ، ونحوهم، أو بولاية عامّة، وهو السلطان، والقاضي، ونائبه. وهذا هو الصحيح عندنا، وبه قال جمهور أصحابنا، وقال بعض أصحابنا: يجوز أن يزوج المحرم بالولاية العامة؛ لأنها يستفاد بها ما لا يستفاد بالخاصّة، ولهذا يجوز للمسلم تزويج الذمية بالولاية العامة، دون الخاصة.