للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هدي؟، قلت: لا أجد". فظهر أن ذلك من تصرّف الرواة، ويؤيّده قوله في رواية مسلم: "أو اذبح شاة".

(ومنها): أنه استُدلّ به على أن الفدية لا يتعين لها مكان، وبه قال أكثر التابعين.

وقال الحسن: تتعين مكة. وقال مجاهد: النسك بمكة، ومنى، والإطعام بمكة، والصيام حيث شاء. وقريب منه قول الشافعيّ، وأبي حنيفة: الدم، والإطعام لأهل الحرم، والصيام حيث شاء؛ إذ لا منفعة فيه لأهل الحرم. وألحق بعض أصحاب أبي حنيفة، وأبو بكر بن الجهم من المالكيّة الإطعام بالصيام.

(ومنها): أنهى استُدلّ به على أن الحجّ على التراخي؛ لأن حديث كعب دلّ على أن نزول قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] كان ذلك بالحديبية، وهي في سنة ست. وفيه بحث.

(ومنها): أنه وقع في رواية للبخاريّ من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "فأمره أن يحلق، وهو بالحديبية، ولم يتبيّن لهم أنهم يحلون بها، وهم على طمع أن يدخلون مكة".

قال في "الفتح": هذه الزيادة ذكرها الراوي لبيان أن الحلق كان استباحة محظور بسبب الأذى، لا لقصد التحلل بالحصر، وهو واضح، قال ابن المنذر: يؤخذ أن من كان على رجاء من الوصول إلى البيت أن عليه أن يقيم حتى ييأس من الوصول فيحل، واتفقوا على أن من يئس من الوصول، وجاز له أن يحلّ، فتمادى على إحرامه، ثم أمكنه أن يصل أن عليه أن يمضي إلى البيت ليُتمّ نسكه.

وقال المهلب وغيره ما معناه: يستفاد من قوله: "ولم يتبيّن لهم أنهم يحلون" أن المرأة التي تعرف أوان حيضها، والمريض الذي يعرف أوان حماه بالعادة فيهما إذا أفطرا في رمضان مثلاً في أول النهار، ثم انكشف الأمر بالحيض، والحمّى في ذلك النهار أن عليهما قضاء ذلك اليوم لأن الذي كان في علم اللَّه أنهم يحلون بالحديبية لم يسقط عن كعب الكفارة التي وجبت عليه بالحلّ قبل أن ينكشف الأمر لهم، وذلك لأنه يجوز أن يتخلف ما عرفاه بالعادة، فيجب القضاء عليهما لذلك. قاله في "الفتح" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٨٥٣ - (أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ, قَالَ: أَنْبَأَنَا (٢) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ,


(١) - "فتح" ٤/ ٤٨٦ - ٤٨٧.
(٢) - وفي نسخة: "أخبرنا".