للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعمرة، وعلى القارن حجة وعمرتان.

وذهبت الشافعيّة، والمالكيّة إلى أنه لا قضاء عليه. وعن أحمد بن حنبل روايتان، قالوا: فإن كان حجّ فرض بقي وجوبه على حاله، وبالغ ابن الماجشون، وأبعد، فقال: يسقط عنه، ورأى ذلك بمنزلة إتمام النسك على وجهه (١).

ونقل في "الفتح" عن الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-، أنه قال: لا قضاء عليه من قبل أن اللَّه تعالى لم يذكر قضاء، والذي أعقله في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت؛ لأنّا علمنا من متواطىء أحاديثهم أنه كان معه عام الحديبية رجال معروفون، ثم اعتمر عمرة القضيّة، فتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس، ولا مال، ولو لزمهم القضاء لأمرهم بأن لا يتخلّفوا عنه. قال: وإنما سميت عمرة القضاء، والقضيّة للمقاضاة التي وقعت بين النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وبين قريش، لا على أنهم وجب عليهم قضاء تلك العمرة انتهى.

وقد روى الواقديّ في "المغازي" من طريق الزهريّ، ومن طريق أبي معشر، وغيرهما، قال: "أمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أصحابه أن يعتمروا، فلم يتخلّف منهم إلا من قتل بخيبر، أو مات، وخرج معه جماعة معتمرين ممن لم يشهد الحديبية، وكانت عدتهم ألفين".

قال الحافظ: ويمكن الجمع بين هذا إن صحّ، وبين الذي قبله بأن الأمر كان على طريق الاستحباب؛ لأن الشافعيّ جازم بأن جماعة تخلفوا بغير عذر. وقد روى الواقديّ أيضًا من حديث ابن عمر، قال: "لم تكن هذه العمرة قضاء، ولكن كان شرطًا على قريش أن يعتمر المسلمون من قابل في الشهر الذي صدّهم المشركون فيه". انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن مما ذُكر أن الأرجح أنه لا يجب القضاء على المحصر، لعدم دليل يدلّ على ذلك، بل الأدلة بالعكس، كما تقدّم في كلام الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٨٦١ - (أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَصْرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ -وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ- عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ, عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ, أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ عَرِجَ, أَوْ كُسِرَ, فَقَدْ حَلَّ, وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» , فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ, وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ؟ , فَقَالَا: صَدَقَ).


(١) - "طرح التثريب" ٥/ ١٦٠.
(٢) - "فتح" ٤/ ٤٧٨.