للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الرابعة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان جواز دخول مكة بغير إحرام، وذلك لمن لم يرد الحجّ، أو العمرة، وفي ذلك خلاف، سيأتي تحقيقه في المسألة السادسة، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): أنه استُدلّ به على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - فتح مكة عَنْوة. وأجاب النوويّ بأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان صالحهم، لكن لما لم يأمن غدرهم دخل متأهبًا. قال الحافظ: وهذا جواب قويّ، إلا أن الشأن في ثبوت كونه صالحهم، فإنه لا يعرف في شيء من الأخبار صريحًا.

(ومنها): أنه استُدِلّ بقصّة ابن خطل على جواز إقامة الحدود والقصاص في حرم مكة. قال ابن عبد البرّ: كان قتل ابن خطل قَوَدًا من قتله المسلم. وقال السهيليّ: فيه أن الكعبة لا تعيذ عاصيًا, ولا تمنع من إقامة حدّ واجب. وقال النوويّ: تأول من قال: لا يُقتل فيها على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قتله في الساعة التي أبيحت له، وأجاب عنه الشافعيّة بأنها إنما أُبيحت له ساعة الدخول حتى استولى عليها، وأذعن أهلها، وإنما قتل ابن خطل بعد ذلك انتهى.

وتُعُقّب بأن المراد بالساعة التي أحلّت له ما بين أول النهار، ودخول وقت العصر، وقتل ابن خطل كان قبل ذلك قطعًا؛ لأنه قيّد في الحديث بأنه كان عند نزعه - صلى اللَّه عليه وسلم - المغفر، وذلك عند استقراره بمكة. وقد قال ابن خزيمة: المراد بقوله في حديث ابن عباس: "ما أحلّ اللَّه لأحد فيه القتل غيري" أي قتل النفر الذين قُتلوا يومئذ: ابن خطل، ومن ذكر معه، قال: وكان اللَّه قد أباح له القتال، والقتل معًا في تلك السنة، وقتل ابن خطل وغيره بعد تقضي القتال.

(ومنها): أنه استُدلّ به أيضًا على جواز قتل الذميّ إذا سبّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. وفيه نظر، كما قال ابن عبد البرّ؛ لأن ابن خطل كان حربيًّا, ولم يُدخله رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في أمانه لأهل مكة، بل استثناه مع من استثنى، وخرج أمره بقتله مع أمانه لغيره مخرجًا واحدًا، فلا دلالة فيه لما ذكر انتهى.

ويمكن أن يتمسّك به في جواز قتل من فعل ذلك بغير استتابة من غير تقييد بكونه ذميًّا، لكن ابن خطل علم بموجبات القتل، فلم يتحتّم أن سبب قتله السبّ. ذكره في "الفتح".

(ومنها): أنه استَدلّ به البخاريّ وغيره على جواز قتل الأسير صبرًا، وهو استدلال واضح؛ لأن القدرة على ابن خطل صيّرته كالأسير في يد الإمام، وهو مخيّرٌ فيه بين القتل وغيره. لكن قال الخطابيّ: إنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قتله بما جناه في الإسلام. وقال ابن عبد البرّ: