للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(بغَيرِ إِحْرَام) هذا محلّ الترجمة، فإنه صريح في كون النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - دخل مكة يوم الفتح هو، وَأصحابه - صلى اللَّه عليه وسلم - غير محرمين، فدلّ على جواز دخولها بغير إحرام لمن لا يريد حجًّا, ولا عمرة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١٠٧/ ٢٨٧٠ وفي "كتاب الزينة" ١٠٩/ ٥٣٤٤ و ٥٣٤٥ - وفي "الكبرى" ١٠٧/ ٣٨٥٢ وفي "كتاب الزينة" ١٠٨/ ٩٧٥٥ و ٩٧٥٦. وأخرجه (م) في "الحج" ١٣٥٨ (د) في "اللباس" ٤٠٧٦ (ت) في "اللباس" ١٧٣٥ (ق) في "الجهاد" ٢٨٢٢ وفي "اللباس" ٣٥٨٥ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ١٤٤٨٨ و ١٤٧٣٧ (الدارميّ) في "المناسك" ١٩٣٩. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): زعم الحاكم في "الإكليل" أن بين حديث أنس - رضي اللَّه عنه - الذي قبل هذا في المغفر، وبين حديث جابر - رضي اللَّه عنه - هذا في العمامة السوداء معارضة.

وتعقّبوه باحتمال أن يكون أول دخوله كان على رأسه المغفر، ثم أزاله، ولبس العمامة بعد ذلك، فحكى كل منهما ما رآه. ويؤيّده أن في حديث عمرو بن حُريث: "أنه خطب الناس، وعليه عمامة سوداء". أخرجه مسلم أيضًا. وكانت الخطبة عند باب الكعبة، وذلك بعد تمام الدخول. وهذا الجمع لعياض. وقال غيره: يُجمع بأن العمامة السوداء كانت ملفوفة فوق المغفر، أو كانت تحت المغفر، وقاية لرأسه - صلى اللَّه عليه وسلم - من صدإ الحديد، فأراد أنس بذكر المغفر كونه دخل متهيئًا للحرب، وأراد جابر بذكر العمامة كونه دخل غير محرم. وبهذا يدفع إشكال من قال: لا دلالة في الحديث على جواز دخول مكة بغير إحرام؛ لاحتمال أن يكون رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان محرمًا, ولكنه غطى رأسه لعذر، فقد اندفع ذلك بتصريح جابر - رضي اللَّه عنه - بأنه لم يكن محرمًا.

وأما دعوى أن دخول مكة بغير إحرام من خصائص النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فغير صحيحة، إذ الخصائص لا تثبت إلا بدليل، ومما يبطلها أن الصحابة - رضي اللَّه عنه - لم يكونوا محرمين مثله، فبطل ما ادّعوه انتهى من "الفتح" باختصار، وتصرّف (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب،


(١) - "فتح" ٥/ ٥٤٠.