يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ, وَالْغُرَابُ, وَالْفَأْرَةُ, وَالْعَقْرَبُ, وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ».
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ مَعْمَرًا كَانَ يَذْكُرُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِيهِ, وَعَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، والحديث صحيح، وهو بهذا الإسناد من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا -١١٨/ ٢٨٩١ - وفي "الكبرى" ١١٨/ ٣٨٧٣.
وقوله: "قال عبد الرزاق الخ" أشار به إلى أن إسناد هذا الحديث وقع فيه اختلاف، فقد رواه معمر عن الزهريّ بطريقين: طريق سالم، عن أبيه، عن حفصة - رضي اللَّه تعالى عنهما -. وطريق عروة، عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، وكلاهما صحيحان. وقد أخرجه المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- في الباب الماضي عن ابن وهب، بطريقين أيضًا: "إحداهما: طريق يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن عبد اللَّه بن عمر، عن حفصة - رضي اللَّه عنهم -. والثانية: طريق يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وظهر بهذا أن لابن وهب عن يونس، عن الزهريّ فيه إسنادين: سالم، عن أبيه، عن حفصة. وعروة، عن عائشة. وقد كان ابن عيينة ينكر طريق الزهريّ، عن عروة، قال الحميديّ، عن سفيان: حدثنا واللَّه الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، فقيل له: إن معمرًا يرويه عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة، قال: حدثنا والفه الزهريّ لم يذكر عروة.
وطريق معمر المشار إليها أوردها البخاريّ في "بدء الخلق" من طريق يزيد بن زريع، عنه. ورواها النسائيّ من طريق عبد الرزاق -يعني حديث الباب- ثم ذكر كلام عبد الرزاق المذكور هنا.
قال: وطريق الزهريّ، عن عروة، رواها أيضًا شعيب بن أبي حمزة، عند أحمد، وأبان بن صالح عند النسائيّ -يعني حديث الباب السابق- ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وقد تابع الزهريّ عن عروة هشامُ بن عروة، أخرجه مسلم، والنسائيّ -يعني في الباب الآتي -أيضًا. انتهى كلام الحافظ ببعض زيادة (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبين مما ذُكر أن روايتي معمر عن الزهريّ صحيحتان، فلا يضرّه إنكار ابن عيينة عليه طريق عروة، عن عائشة؛ لأن الحديث محفوظ من الطريقين.
(١) - "فتح" ٤/ ٥٠٨.