للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على الحديث؛ لانقطاعه. وقال ابن قدامة: ويستحبّ رفع اليدين عند رؤية البيت، روي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس. وبه قال الثوريّ، وابن المبارك، والشافعيّ، وإسحاق ابن راهويه. وكان مالك لا يرى رفع اليدين؛ لما روي عن المهاجر المكيّ، قال: سئل جابر بن عبد اللَّه … فذكر حديث الباب، ثم قال: ولنا ما روى أبو بكر بن المنذر، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال: "لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن: افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، وعلى الصفا والمروة، وعلى الموقفين، والجمرتين". قال ابن قدامة: وهذا من قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وذاك من قول جابر، وخبره عن ظنّه، وفعله، وقد خالفه ابن عمر، وابن عباس؛ ولأن الدعاء مستحبّ عند رؤية البيت، وقد أمر برفع اليدين عند الدعاء. انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: هذا من قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وذاك من فعل جابر الخ هذا لو ثبت قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، والواقع خلافه، فالحديث المذكور لا يصحّ، فتنبّه.

وقال النوويّ في "شرح المهذب": قال أصحابنا: رواية المثبت للرفع أولى؛ لأن معه زيادة علم. وقال البيهقيّ: رواية غير جابر في إثبات الرفع مع إرسالها أشهر عند أهل العلم من حديث مهاجر، وله شواهد، وإن كانت مرسلة، والقول في مثل هذا قول من رأى وأثبت (٢).

وقال الخطّابيّ في "المعالم": قد اختلف الناس في هذا، فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوريّ، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وضعّف هؤلاء حديث جابر؛ لأن مهاجرًا راويه عندهم مجهول، وذهبوا إلى حديث ابن عباس، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "ترفع الأيدي في سبعة مواطن: افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، وعلى الصفا والمروة، والموقفين،، والجمرتين". وروي عن ابن عمر أنه كان يرفع اليدين عند رؤية البيت. وعن ابن عباس مثل ذلك. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - في سنده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو سيء الحفظ، وهو فيه مضطرب، فلا يصحّ. وقال الشوكانيّ: والحاصل أنه ليس في الباب ما يدلّ على مشروعيّة رفع اليدين عند رؤية البيت، وهو حكم شرعي، لا يثبت إلا بدليل. انتهى (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى- حسنٌ جدًّا.


(١) - راجع "المغني" ٥/ ٢١٠ - ٢١١.
(٢) - "السنن الكبرى" للبيهقي ٥/ ٧٢ - ٧٣.
(٣) - "نيل الأوطار" ٥/ ٤٠.