للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سفيان بن عيينة في "جامعه" عن عمرو بن دينار، أنه سمع عبيد بن عمير يقول: اسم الذي بنى الكعبة لقريش باقوم، وكان روميًّا. وقال الأزرقيّ: كان طولها سبعة وعشرين ذراعًا، فاقتصرت قريش منها على ثمانية عشر، ونقصوا من عرضها أذرعًا أدخلوها في الحجر. ذكره في "الفتح" (١).

(اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهيمَ - عَلَيْهِ السَّلَام-") وذلك لقصور النفقة التي أخرجوها لذلك، فقد ذكر ابن إسحاق في "السيرة" عن عبد اللَّه بن أبي نجيح أنه أخبره عن عبد اللَّه بن صفوان بن أميّة: أن أبا وهب بن عابد بن عمران بن مخزوم -وهو جدّ جعدة ابن هبيرة بن أبي وهب المخزوميّ- قال لقريش: لا تدخلوا فيه من كسبكم إلا الطيّب، ولا تدخلوا فيه مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس. وروى سفيان بن عيينة في "جامعه" عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن أبيه، أنه شهد عمر بن الخطاب أرسل إلى شيخ من بني زهرة، أدرك ذلك، فسأله عمر عن بناء الكعبة؟ فقال: إن قريشًا تقرّبت لبناء الكعبة -أي بالنفقة الطيبة- فعجزت، فتركوا بعض البيت في الحجر، فقال عمر: صدقت (٢). قالت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَرُدُّهَما عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهيمَ- عَلَيْهِ السَّلَام-؟ قَالَ: "لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بالْكُفْرِ") بكسر الحاء المهملة، وسكون الدال المهملة، وقيل: يجوز بالفتحتين، بعدها مثلّثة، بمعنى الحدوث، أي لولا قرب عهد قريش بكفر، يريد أن الإسلام لم يتمكن في قلوبهم، فلو هُدمت لربما نفروا منه؛ لأنهم يرون تغييره عظيمًا.

وخبر المبتدأ محذوفٌ، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":

وَبَعْدَ لَوْلَا غَالِبًا حَذْفُ الْخَبَرْ … حَتْمٌ وَفِي نَصِّ يَمِينٍ ذَا استَقَرُّ

أي موجودٌ. وجواب "لولا" في هذه الرواية محذوف أيضًا، أي "لفعلت". وفي الرواية التالية: لولا حداثة عهد قومكِ بالكفر، لنقضت البيت، فبنيته على أساس إبراهيم - عليه السلام - … " إلخ. وفي رواية: "لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية، لهدمت الكعبة … "إلخ. وفي رواية "لولا أن قومك حديث عهدهم بجاهلية، لأمرت بالبيت، فهدم، فأدخلت فيه ما أُخرج منه، وألزقته بالأرض … ".

(قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (لَئِن كَانَتْ عَائِشَةُ) ليس هذا شكّا من ابن عمر في صدق عائشة، لكن يقع في كلام العرب كثيرًا صورة التشكيك، والمراد التقرير واليقين. قاله في "الفتح" (٣). وقال السنديّ: قيل: ليس هذا شكًّا في سماع


(١) - "فتح" ٤/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٢) - "فتح" ٤/ ٢٣٦.
(٣) - "فتح" ٤/ ٢٣٥.