للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المحب الطبريّ في "شرح التنبيه" له: والأصحّ أن القدر الذي في الحجر من البيت قدر سبعة أذرع، والرواية التي جاء فيها أن الحجر من البيت مطلقة، فيحمل المطلق على المقيّد، فإن إطلاق اسم الكلّ على البعض سائغ مجازًا. وإنما قال النوويّ ذلك نصرة لما رجحه من أن جميع الحجر من البيت، وعمدته في ذلك أن الشافعيّ نصّ على إيجاب الطواف خارج الحجر، ونقل ابن عبد البرّ الاتفاق عليه، ونقل غيره أنه لا يعرف في الأحاديث المرفوعة، ولا عن أحد من الصحابة، ومن بعدهم أنه طاف من داخل الحجر، وكان عملاً مستمرًا، ومقتضاه أن يكون جميع الحجر من البيت.

وهذا متعقّبٌ، فإنه لا يلزم من إيجاب الطواف من ورائه أن يكون كله من البيت، فقد نصّ الشافعيّ أيضًا -كما ذكره البيهقيّ في "المعرفة" أن الذي في الحجر من البيت نحو من ستة أذرع، ونقله عن عدة من أهل العلم من قريش لقيهم، كما تقدّم، فعلى هذا فلعله رأى إيجاب الطواف من وراء البيت احتياطًا.

وأما العمل فلا حجة فيه على الإيجاب، فلعلّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ومن بعده فعلوه استحبابًا للراحة من تسوّر الحجر، لا سيما والرجال والنساء يطوفون جميعًا، فلا يؤمن من المرأة التكشّف، فلعلهم أرادوا حسم هذه المادّة.

وأما ما نقله المهلّب عن ابن أبي زيد أن حائط الحجر لم يكن مبنيًّا في زمن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأبي بكر حتى كان عمر، فبناه، ووسعه قطعًا للشكّ، وأن الطواف قبل ذلك كان حول البيت. ففيه نظر. وقد أشار المهلّب إلى أن عمدته في ذلك ما في البخاريّ في "باب بنيان الكعبة" في أوائل السيرة النبويّة بلفظ: "لم يكن حول البيت حائط، كانوا يصلون حول البيت حتى كان عمر، فبنى حوله حائطًا جدره قصيرة، فبناه ابن الزبير". انتهى.

وهذا إنما هو في حائط المسجد، لا في الحِجْر، فدخل الوهم على قائله من هنا. ولم يزل الحجر موجودًا في عهد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -كما صرح به كثير من الأحاديث الصحيحة، نعم في الحكم بفساد طواف من دخل الحجر، وخلى بينه وبين البيت سبعة أدرع نظر، وقد قال بصحّته جماعة من الشافعيّة، كإمام الحرمين، ومن المالكيّة، كأبي الحسن اللَّخمي.

وذكر الأزرقيّ أن عرض ما بين الميزاب ومنتهى الحجر سبعة عشر ذراعًا، وثلث ذراع، منها عرض جدار الحجر ذراعان وثلث، وفي بطن الحجر خمسة عشر ذراعًا، فعلى هذا فنصف الحجر ليس من البيت، فلا يفسد طواف من طاف دونه. واللَّه أعلم.

وأما قول المهلب: إن الفضاء لا يسمّى بيتًا، وإنما البيت البنيان؛ لأن شخصًا لو