للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحد، فضمّ إليها حجة، فلما قدم طاف طوافين، طوافًا لعمرته، وطوافًا لحجته، ثم قال: هكذا رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - فعل".

لكن هذه رواية ضعيفة جدًّا، ومع ذلك فهي شاذّة، قال الدارقطنيّ: لم يروه عن الحكم غير الحسن بن عمارة، وهو متروك. وقال البيهقيّ: الحسن بن عمارة أجمع أهل النقل على ترك حديثه؛ لكثرة المناكير في رواياته، وكيف يصحّ هذا عن ابن عمر، وقد ثبت أنه طاف لهما طوافًا واحدًا في هذه السنة، كما سبق. قاله الحافظ وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى- (١).

وقال في "الفتح" في شرح حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - في حجة الوداع، وفيه: "وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا". وحديثِ ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - في حجه عام نزل الحجاج بابن الزبير، أورده البخاريّ من وجهين في كلّ منهما أنه جمع بين الحج والعمرة، أهلّ بالعمرة أولاً، ثم أدخل عليها الحجّ، وطاف لهما طوافًا وحدًا، كما في الطريقة الأولى، وفي الطريقة الثانية: "ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول".

ما نصّه: وفي هذه الرواية رفع احتمالٍ قد يؤخذ من الرواية الأولى أن المراد بقوله: "طوافًا واحدًا" أي طاف لكلّ منهما طوافًا يشبه الطواف الذي للآخر، والحديثان ظاهران في أن القارن لا يجب عليه إلا طواف واحد كالمفرد. وقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن نافع، عن ابن عمر أصرح من سياق حديثي الباب في الرفع، ولفظه: عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد، وسعيٌ واحد". وأعله الطحاويّ بأن الدراورديّ أخطأ فيه، وأن الصواب أنه موقوف، وتمسّك في تخطئته بما رواه أيوب، والليث، وموسى بن عقبة، وغير واحد، عن نافع نحو سياق ما في الباب، من أن ذلك وقع لابن عمر، وأنه قال: إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فعل ذلك"، لا أنه روى هذا اللفظ عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - انتهى.

قال الحافظ: وهو تعليلٌ مردود، فالدراورديّ صدوق، وليس ما رواه مخالفًا لما رواه غيره، فلا مانع من أن يكون الحديث عند نافع على الوجهين.

واحتجّ الحنفيّة بما روي عن عليٌ - رضي اللَّه عنه - أنه جمع بين الحجّ والعمرة، فطاف لهما طوافين، وسعى لهما سعيين، ثم قال: هكذا رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - فعل. وطرقه عن عليّ عند عبد الرزاق، والدارقطنيّ، وغيرهما ضعيفة. وكذا أخرج من حديث ابن مسعو - رضي اللَّه عنه - بإسناد ضعيف نحوه. وأخرج من حديث ابن عمر بنحو ذلك، وفيه


(١) - "طرح التثريب" ٥/ ١٦٢ - ١٦٣.