للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ثَلَاثًا) أي ثلاث مرّات من الأشواط السبعة. زاد في رواية أحمد: "حتى عاد إليه" (وَمَشَى) أي على السكون والهِينَةِ (أَرْبَعًا) أي أربع مرّات من الأشواط السبعة (ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ) أي مقام إبراهيم - عليه السلام -، وهو موضع قيامه، وهو الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت، وفيه أثر قدميه (فَقَالَ) أي قرأ - صلى اللَّه عليه وسلم - قوله تعالى {وَاتَّخِذُوا} بكسر الخاء على الأمر، أي وقلنا: اتخذوا منه موضع صلاة. ويجوز أن يكون معطوفًا على {واذكروا نعمتي}، أو على معنى "مثابة".، أي ثُبوا إليه، واتخذوا. والأمر فيه للاستحباب بالاتفاق. وقرأ نافع، وابن عامر {وَاتَّخِذُوا} بلفظ الماضي، عطفًا على {جعلنا}، أو تقدير "إذ"، أي إذ جعلنا، وإذ اتخذوا (١).

وفيه إشارة إلى أن فعله - صلى اللَّه عليه وسلم - هذا تفسير لهذه الآية {مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ} هو الحجر الذي فيه أثر قدميه على الأصحّ. وعن عطاء: مقام إبراهيم عرفةُ، وغيرُها من المناسك؛ لأنه قام فيها، ودعا. وعن النخعيّ: الحرم كله. وكذا رواه الكلبيّ عن أبي صالح، عن ابن عباس. قاله في "الفتح" (٢) (مُصَلّى) بالتنوين، أي موضع صلاة الطواف (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) وفي الرواية في -١٦٤/ ٢٩٦٤ - : "فقرأ فاتحة الكتاب، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} " (وَالْمَقَامُ بَينَهُ وَبَينَ الْبَيتِ) جملة حالية، أي والحال أن مقام إبراهيم بينه - صلى اللَّه عليه وسلم - وبين البيت (ثُمَّ أَتَى الْبَيْتَ بَعْدَ الرَّكعَتَينِ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ) قال النوويّ: فيه دلالة لما قاله الشافعيّ، وغيره، من العلماء: إنه يستحبّ للطائف طوافَ القدوم إذا فرغ من الطواف، وصلاتِهِ خلف المقام أن يعود إلى الحجر، فيستلمه، ثم يخرج من باب الصفا ليسعى. واتفقوا على أن هذا الاستلام ليس بواجب، وإنما هو سنة، لو تركه لم يلزمه دم انتهى (ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا) أي إلى جهة الصفا.

والحديث أخرجه مسلم، وقد تقدّم تمام شرحه، وبيان المسائل المتعلقة به في ٤٦/ ٢٧١٢ فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - "فتح" ٤/ ٢٣١.
(٢) - "فتح" ٤/ ٢٣١ - ٢٣٢.