وقع الاختلاف فيه، وقد سلك ذلك البيهقيّ وغيره، وتقدّم قول ابن عبد البرّ: إن فيه اضطرابًا، لكنه قال في "الاستذكار": اضطرب فيه غير الشافعيّ، وأبي نعيم الفضل بن دكين على عبد اللَّه بن المؤمل، وجوّدوا إسناده ومعناه، وقد رواه مع ابن المؤمّل غيره، وابن المؤمّل لم يطعن عليه أحد إلا من سوء حفظه، ولم يخالفه فيه غيره، فيتبيّنَ فيه سوء حفظه.
وقال الحافظ في "الفتح": قلت: له طريق أخرى في "صحيح ابن خزيمة" مختصرة.
وعند الطبرانيّ عن ابن عباس كالأولى، واذا انضمّت إلى الأولى قويت، واختلف على صفية بنت شيبة في اسم الصحابية التي أخبرتها به، ويجوز أن تكون أخذته عن جماعة، فقد وقع عند الطبرانيّ عنها:"أخبرتني نسوة من بني عبد الدار"، فلا يضرّ الاختلاف. انتهى (١).
قال الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا عندنا -واللَّه أعلم- على إيجاب السعي بين الصفا والمروة من قبل أن هذا الحديث لا يحتمل إلا السعي بينهما، أو السعي في بطن الوادي، فإذا وجب السعي في بطن الوادي، وهو بعض العمل وجب في كلّه. انتهى.
(الثاني): استدلّ البيهقيّ على ذلك بحديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - المذكور في الباب، وقولها فيه:"ثم قد سن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما". وبقولها أيضًا في "صحيح مسلم": "ولعمري ما أتمّ اللَّه حجّ من لم يطف بين الصفا والمروة".
(الثالث): استدلّ البيهقيّ، وابن عبد البرّ، والنوويّ، وغيرهم على ذلك أيضًا بكونه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يسعى بينهما في حجه، وعمرته، وقال:"خذوا عني مناسككم".
(الرابع): استدلّ البيهقيّ على ذلك أيضًا بما في "صحيح البخاري" عن عمرو بن دينار، قال: سألنا ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - عن رجل قدم بعمرة، فطاف بالبيت، ولم يطف بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟ فقال: قدم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فطاف بالبيت سبعًا، وصلى خلف المقام ركعتين، وطاف بالصفا والمروة سبعًا، وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]. وقال عمرو: سألنا جابرًا؟ فقال: لا يقربها حتى يطوف بين الصفا والمروة.
(الخامس): استدلّ ابن حزم على ذلك بما في "الصحيحين" عن أبي موسى الأشعريّ - رضي اللَّه عنه -، قال: قدمت على رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو مُنيخٌ بالبطحاء، فقال: