رجال الصحيح. (ومنها): أن فيه رواية صحابية، عن صحابية، ورواية الابن عن أمه. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) العبدري الحجبي (عَنْ أُمِّهِ) صفية بنت شيبة (عَنْ أَسمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرِ) الصدّيق - رضي اللَّه تعالى عنهما - (قَالَتْ: قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، مُهِلينَ بِالْحَجِّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ) أي اقتربنا من دخولها (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَحْلِلْ) بفتح أوله، من الحلّ، ثلاثيًا، أو بضمه، من الإحلال، رباعيًّا، يقال: حلّ المحرمُ حِلاًّ بالكسر: خرج من إحرامه، وأحلّ بالألف مثله، فهو مُحِل، وحِلٌّ أيضًا تسمية بالمصدر، وحلالٌ أيضًا. قاله الفيّوميّ (وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيُقِمْ) بضم الياء، من الإقامة (عَلَى إِحْرَامِهِ) أي حتى يتحلّل بذبح هديه يوم النحر (قَالَتْ: وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ) بن العوام - رضي اللَّه تعالى عنه -، زوجها (هَدْيٌ، فَأَقَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ) لأمره - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك لمن كان معه هديٌ (وَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ، فَأَحْلَلْتُ، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي) أي الثياب التي كانت تلبسها قبل الإحرام، وهذا فيه دليل على أن النساء كالرجل تمتنع في الإحرام عن بعض اللباس، وهو الذي مسه ورس، أو زعفران.
وقد أخرج أبو داود في "سننه" بسند صحيح عن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه سمع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - "نهى النساء في إحرامهنّ عن القفّازين، والنقاب، وما مسّ الورس، والزعفران، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت، من ألوان الثياب، معصفرا، أو خزا، أو حليا، أو سراويل، أو قميصا، أو خفا".
(وَتَطَيَّبْتُ مِنْ طِيبِي) فيه استحباب استعمال الطيب لمن تحلّل من إحرامه (ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى الزُّبَيْرِ، فَقَالَ) الزبير - رضي اللَّه عنه - (اسْتَأْخِرِي عَنِّي) السين والتاء زائدتان: أي تأخّري، وابتعدي عن مجلسي؛ لئلا يحصل شيء من محظورات الإحرام. ولمسلم: "استرخي عني، استرخي عني" مرتين، أي تباعدي عني. وفي رواية له: "قومي عني". قال النوويّ: إنما أمرها بالقيام؛ مخافة من عارض، قد يَندُر منه، كلمس بشهوة، أو نحوه، فإن اللمس بشهوة حرام في الإحرام، فاحتاط لبفسه بمباعدتها، من حيث إنها زوجته، متحلّلة، تطمع بها النفس. انتهى (١). (فَقُلْتُ: أَتَخْشَى أَنْ أَثِبَ عَلَيْكَ) مضارع وَثَبَ، من باب وَعَد: إذا قَفَز، وُثُوبًا، ووَثِيبًا، فهو وثّاب. تعني بذلك أنها وإن اقتربت منه لا تفعل معه شيئًا يستبب منه وقوعه في محظورات الإحرام. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه