للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إليّ، فقال: يا عليّ قم، فأدّ رسالة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقمت، فقرأت أربعين آية من أول براءة، ثم صَدَرْنا حتى رميت الجمرة، فطفقت أتتبع بها الفساطيط، أقرأها عليهم؛ لأن الجميع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة" (١).

(ثُمَّ خَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ، قَامَ أَبُو بَكرِ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِم، حَتَّى إِذَا فَرَغَ، قَامَ عَليًّ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ، حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ) "كان " هنا تامّة، ولذا اكتفت بالمرفوع، وهو "يوم النحر"، فمعنى "كان": جاء، و"يوم النحر" فاعله (فَأَفَضْنَا) أي رجعنا من عرفة إلى مزدلفة (فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (خَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ عَنْ إِفَاضَتِهِمْ، وَعَنْ نَحْرِهِمْ، وَعَنْ مَنَاسِكِهِمْ) أي عما تبقّى من مناسكهم (فَلَمَّا فَرَغَ) أبو بكر - رضي اللَّه تعالى عنه - من خطبته (قَامَ عَليٌّ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ، حَتَّى خَتَمَهَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الأَوَّلُ) بسكون الفاء، وفتحها (٢)، يقال: نفر الحاجّ من منى، من بابي ضرب، وقعد: إذا دَفَعُوا، وللحاج نَفْرَان: فالأول هو اليوم الثاني من أيام التشريق، والثاني هو اليوم الثالث منها. أفاده الفيّوميّ (قَامَ أَبو بَكْرٍ) - رضي اللَّه تعالى - عنه (فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ) بكسر الفاء، وضمها، من بابي ضرب، وقعد، أي كيف يذهبون إلى منى (وَكَيفَ يَرْمُونَ، فَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَامَ عَليٌّ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (فَقَرَأَ بَرَاءَةٌ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى خَتَمَهَا) وقد سبق قريبًا أن المراد ختم بعضها، وهي بضع وثلاثون آية، منتهاها قوله تعالى: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ: أَبو عَبْد الرَّحْمَنِ) النسائيّ -رحمه اللَّه تعالى- (ابْنُ خُثَيْمِ) هو عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم الراوي عن أبي الزير (لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ) تقدّم في ترجمته أن أكثر الأئمة على توثيقه، وأن المصنف وثّقه أيضًا في رواية (وَإِنَّمَا أَخْرَجْتُ هَذَا) أي حديث أبي الزبير عن جابر (لِئَلاَّ يُجْعَلَ ابْنُ جُرَيْجٍ) ببناء الفعل للمفعول (عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ) أي لئلا يقع غلط في إسناده، فيجعل مما رواه ابن جريج عن أبي الزبير مباشرة، دون واسطة ابن خُثيم، حيث اشتهرت روايته عنه (وَمَا كتَبْنَاهُ إِلاَّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) يعني أنه ما كتب هذا الحديث إلا عن شيخه إسحاق ابن راهويه، وغرضه به أنه لم يسمعه من أحد من شيوخه إلا عنه (وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لَمْ يَتْرُكْ حَدِيثَ ابْنِ خُثَيمٍ، وَلَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بالرفع عطفًا على "يحيى"، فما وقع في النسخة المطبوعة من ضبطه بالجر ضبطَ قلم، فغلط، فتنبّه.


(١) - "فتح" ٩/ ٢١٤.
(٢) - والفتح زاده في "القاموس المحيط".