للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير" (١).

فهذا صريح بأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يلبّي في غالب أحواله، ويكبّر أحيانًا، فالمستحبّ للحاجّ أن يأتي بالذكرين جميعًا، لكن يكثر التلبية، ويأتي بالتكبير في أثنائها، كما هو صريح فعله - صلى اللَّه عليه وسلم -.

وفي رواية مسلم من طريق عمر بن حسين، عن عبد اللَّه بن أبي سلمة، عن عبد اللَّه ابن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه، قال: "كنّا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في غداة عرفة، فمنا المكبر، ومنا المهلّل، فأما نحن فنكبّر، قال: قلت: واللَّه لعجبًا منكم، كيف لم تقولوا له: ماذا رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يصنع؟ ".

وأراد عبد اللَّه بن أبي سلمة بذلك الوقوفَ على الأفضل؛ لأن الحديث يدلّ على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره لهم - صلى اللَّه عليه وسلم - على ذلك، فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل من الأمرين. قاله في "الفتح" (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لكن قد تبيّن من حديث ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - الذي ذكرناه ما كان يصنعه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فكان يلبي غالبًا، ويكبّر خلالها، فالأفضل للحاجّ أن يجمع بينهما، مع تغليب التلبية، كما مرّ آنفًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا - ١٩١/ ٢٩٩٩ و٢٢٠٠ - وفي "الكبرى" ١٨٦/ ٣٩٨٩ و٣٩٩٠. وأخرجه (م) في "الحجّ" ١٢٨٤ (د) في "المناسك" ١٨١٦ (أحمد) في "مسند المكثرين" ٤٤٤٤ (الموطأ) ٧٤١ (الدارميّ) في "المناسك" ١٨٧٦. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو استحباب الغدوّ، أي الذهاب مبكرًا، قبل طلوع الشمس من منى إلى عرفة. (ومنها): استحباب إكثار التلبية أثناء المسير إلى عرفة. (ومنها): استحباب التكبير مع التلبية أيضًا. واللَّه تعالى أعلم


(١) راجع "الفتح" ٤/ ٣٤٩.
(٢) - "فتح" ٤/ ٣٢١.