للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن فيه عروة من الفقهاء السبعة، وعائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - من المكثرين السبعة. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنها -، أنها (قَالَتْ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَقِفُ بِالْمُزدَلِفَةِ) تَعْنِي أنها لا تجاوزها، بل تفيض منها إلى منى، وذلك لأن الشيطان استهواهم، فقال لهم: إنكم إن عظّمتم غير حرمكم استخفّ الناس بحرمكم، فكانوا لا يخرجون من الحرم (وَيُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ) -بضمّ، فسكون- جمع أحمس، والأحمس في اللغة: الشديد، قال في "القاموس": حَمِسَ، كفرِحَ: اشتدّ، وصَلُبَ في الدين والقتال، فهو حَمِسٌ، وأحمس، وهم حُمْسٌ، والحمسُ: الأمكنة الصُّلْبة، جمع أحمس، وهو لقب قُريش، وكنانة، وجَدِيلة، ومن تابعهم في الجاهليّة؛ لتحمّسهم في دينهم، أو لالتجائهم بالحَمْساء، وهي الكعبة؛ لأن حجرها أبيض إلى السواد انتهى.

وروى إبراهيم الحربيّ في "غريب الحديث" من طريق ابن جريج، عن مجاهد، قال: الحُمْس: قريش، ومن كان يأخذ مأخذها من القبائل، كالأوس، والخزرج، وخزاعة، وثقيف، وغزوان، وبني عامر، وبني صعصعة، وبني كنانة، إلا بني بكر. والأحمس في كلام العرب الشديد، وسمّوا بذلك لما شدّدوا على أنفسهم، وكانوا إذا أهلّوا بحجّ، أو عمرة لا يأكلون لحمًا، ولا يضربون وَبَرًا، ولا شعرًا، وإذا قدموا مكة وضعوا ثيابهم التي كانت عليهم.

وذكر الحربيّ أيضًا في "غريبه" عن أبي عبيدة معمر بن المثنّى، قال: كانت قريش إذا خطب إليهم الغريب اشترطوا عليه أن ولدها على دينهم، فدخل في الحمس من غير قريش ثقيف، وليث، وخزاعة، وبنو عامر بن صعصعة -يعني وغيرهم- قال الحافظ: وعرف من هذا أن المراد بهذه القبائل من كانت له من أمهاته قريشية، لا جميع القبائل المذكورة انتهى (١).

(وَسَائِرُ الْعَرَب، تَقِفُ بِعَرَفَةَ) أنث الفعل مع أن ضمير الفاعل يعود إلى "سائر"؛ لإضافته إلى "العرب"، وهي مؤنثة باعتبار القبيلة (فَأَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَبيهُ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أَنَّ يقِفَ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ يَدْفَعَ مِنْهَا) أي يرجع من عرفة إلى المزدلفة (فَأَنزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {ثُمَّ أَفِيضُوا}) أي ادفعوا أنفسكم، أو مطاياكم يا معشر قريش.

وقال في "الفتح": وعُرف برواية عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - أن المخاطب بقوله


(١) - "فتح" ٤/ ٣٢٨ - ٣٢٩.