الحجّاج فيها، وقيل غير ذلك، مما تقدم من الأقوال في سبب تسميتها. واللَّه تعالى أعلم.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم في "كتاب الصلاة" برقم -٤٩/ ٦٠٥ - باب "الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة"، وتقدّم شرحه مستوفًى، وكذا بيان مسائله هناك، ولنذكر هنا مسألتين مما تتعلّق بالترجمة، فنقول:
(المسألة الأولى): في اختلاف أهل العلم في حكم الجمع، والقصر في عرفة، والمزدلفة، ومنى:
(اعلم): أنه لا خلاف بين أهل العلم في مشروعية الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، والمغرب والعشاء بالمزدلفة، وإنما الخلاف، هل هو للنسك، أو لمطلق السفر، أو للسفر الطويل؟، فمن قال: للنسك، وهو الحقّ، قال: يجمع أهل مكة، ومنى، وعرفة، والمزدلفة، ومن قال: لمطلق السفر، قال: يجمعون، سوى أهل المزدلفة، ومن قال: للسفر الطويل، قال: يُتمّ أهل مكة، ومنى، وعرفة، والمزدلفة، وجميع من كان بينه وبينها دون مسافة القصر، ويقصر من طال سفره.
قال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى- في "المغني": ما ملخّصه: يجوز الجمع لكلّ من بعرفة من مكيّ وغيره، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الإمام يَجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وكذلك من صلّى مع الإمام. قال: فأما قصر الصلاة، فلا يجوز لأهل مكّة، وبهذا قال عطاء، ومجاهد، والزهريّ، وابن جريج، والثوريّ، ويحيى القطّان، والشافعيّ، وأصحاب الرأي، وابن المنذر.
وقال القاسم بن محمد، وسالم، ومالك، والأوزاعيّ: لهم القصر؛ لأن لهم الجمع، فكان لهم القصر كغيرهم. انتهى كلام ابن قُدامة باختصار. (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما ذهب إليه القائلون بمشروعيّة الجمع والقصر في عرفة، والمزدلفة، وكذا القصر في أيام منى لكلّ من أحرم بالحجّ، سواء كان مسافرًا، أم غير مسافر هو الحقّ؛ لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - جمع وقصر بمن معه من الحجاج، ولم يأمر أهل مكة، ولا غيرهم بالإتمام، فدلّ على أن ذلك للنسك.
وأما احتجاج بعضهم بما أخرجه الترمذيّ في جامعه من حديث عمران بن حُصين - رضي اللَّه تعالى عنهما - أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يصلّي بمكة ركعتين، ويقول:"يا أهل مكة أَتِمُّوا، فإنا قوم سَفْرٌ"، قال: وكأنه ترك إعلامهم بذلك بمنى استغناءً بما تقدّم بمكة.
فمتعقّبٌ بأن الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية عليّ بن زيد بن جُدْعان، وهو