ضَرْبَ) أي لا يُضرب أحد أمامه (وَلَا طَرْدَ) أي لا يبعد أحد من عنده (وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ) اسم فعل أمر، منقول من الجار والمجرور، أي تنحَّ، وابتعد. قال الطيبيّ: والتكرار للتأكيد.
والمراد أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - على سجيته المتواضعة كان يرمي، من غير أن يكون هناك ضرب، ولا طرد للناس، ولا قول: إليك، فلا فعل يصدر للضرب، والطرد، ولا قول يسمع، للتبعيد والتنحية. وفيه تعريض للأمراء بأنهم أحدثوا هذه الأمور. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث قُدامة بن عبد اللَّه - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا - ٢٢٠/ ٣٠٦٢ - وفي "الكبرى" ٢٢٥/ ٤٠٦٧. وأخرجه (ت) في "الحجّ" ٩٠٣ (ق) في "المناسك" ٣٠٣٥ (أحمد) في "مسند المكيين" ١٤٩٨٤ و ١٤٩٨٥ (الدراميّ) في "المناسك" ١٩٠١. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان جواز الركوب حال رمي الجمار.
قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: فيه دلالة لما قاله الشافعيّ، وموافقوه أنه يستحبّ لمن وصل منى راكبًا أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، ولو رماها ماشيًا جاز، وأما من وصلها ماشيًا فيرميها ماشيًا، وهذا في يوم النحر، وأما اليومان الأولان من أيام التشريق، فالسنة أن يرمي فيهما جميع الجمرات ماشيًا، وفي اليوم الثالث يرمي راكبًا، وينفر، هذا كله مذهب مالك، والشافعيّ، وغيرهما. وقال أحمد، وإسحاق: يستحبّ يوم النحر أن يرمي ماشيًا. قال ابن المنذر: وكان ابن عمر، وابن الزبير، وسالم يرمون مُشاةً، قال: وأجمعوا على أن الرمي يجزيه على أيّ حال رماه، إذا وقع في المرمى انتهى كلام النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- (١).
(ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، من حسن الأخلاق، حيث كان لا يضرب أحد في حضرته، ولا يطرد، ولا يقال له إليك، إليك، بخلاف عادة الملوك، فإن هذا يكثر في