للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو البدّاح بن عاصم بن عديّ. قال ابن حبّان: مات في ولاية معاوية، وهو ابن (١١٥) سنة. وقال ابن سعد، وأبو عليّ بن السكن: مات سنة (٤٠هـ). ويقال: إن عاصم بن عديّ العجلانيّ غير عاصم والد أبي البَدّاح، وكذا فرّق بينهما أبو القاسم البغويّ. روى له الأربعة حديث الباب فقط. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير أبي البدّاح، وأبيه، فمن رجال الأربعة. (ومنها): أن شيخه الثاني أحد التسعة الذين يروي عنهم الجماعة بلا واسطة، كما مرّ غير مرّة. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخيه، فا لأول مروزيّ، والثاني بصريّ، وسفيان فمكيّ. (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، وفيه رواية الابن عن أبيه مرّتين. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي البَدَّاح بْنِ عَدِيٍّ) البَلَويّ العجلانيّ (عَنْ أَبِيهِ) عاصم بن عديّ البلويّ العجلانيّ - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، رَخَّصَ) أي جوّز، وأباح (لِلرُّعَاةِ) جمع راع، أي الجماعة الذين يرعون الإبل. وفي الرواية التالية: "رخّص للرعاة في البيوتة" أي رخّص لهم في البيتوتة خارج منى، أو في ترك البيتوتة، والمعنى أباح لهم ترك المبيت بمنى ليالي أيام التشريق؛ لكونهم مشغولين برعي الإبل، وحفظها، فلو أخذوا بالْمُقام والبيتوتة بمنى ضاعت أموالهم. قال الباجيّ: قوله: "رخّص" يقتضي أن هناك منعًا خُصّ هذا منه؛ لأن لفظ الرخصة لا تستعمل إلا فيما يخصّ من المحظور للعذر، وذلك أن للرعاء عذرًا في الكون مع الظهر الذي لا بدّ من مراعاته، والرعي به للحاجة إلى الظهر في الانصراف إلى بعيد البلاد، فأبيح لهم ذلك لهذا المعنى انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "يقتضي أن هناك منعًا إلخ" فيه نظر، إذ مجرد الاحتمال في مثل هذا لا يكفي، فلابد من نهي صريح عن المبيت بغير منى حتى نقول بوجوبه. وقد أجاد أبو محمد بن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ- حيث قال: ومن لم يبت ليالي منى بمنى فقد أساء، ولا شيء عليه، إلا الرعاء، وأهل السقاية، فلا نكره لهم المبيت في غير منى، بل للرعاء أن يرموا يومًا، ويدعوا يومًا، ثم أورد حديث الباب، ثم قال:

[فإن قيل]: إن إذنه للرعاء، وترخيصه لهم، وإذنه للعباس دليل على أن غيرهم بخلافهم. [قلنا]: لا، وانما كان يكون هذا لو تقدم منه - عليه السلام - أمر بالمبيت والرمي فكان يكون هؤلاء مُسْتَثْنَينَ من سائر من أمروا، وأما إذا لم يتقدم منه - عليه السلام - أمر فنحن ندري أن هؤلاء