للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغد، وذلك يوم النفْرِ الأول، يرمون لليوم الذي مضى، ويرمون ليومهم ذلك، وذلك أنه لا يقضي أحدٌ شيئًا حتى يجب عليه. وقال الشافعيّ نحوًا من قول مالك. وقال بعضهم: هم بالخيار، إن شاءوا قدّموا، وإن شاءوا أخّروا. انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما ذهب إليه بعضهم من التخيير بين التقديم، والتأخير هو الأرجح؛ لظاهر الحديث، فإن الرواية الآتية للمصنّف بعد هذا صريحة في ذلك؛ ولفظها: "يرمون يوم النحر، واليومين اللذين بعده يجمعونهما في أحدهما". والمعنى أنهم يرمون يوم النحر جمرة العقبة كسائر الحجاج، فلا يُرخّص لهم بتركه، أو تأخيره إلى يوم آخر. وأما اليومان اللذان بعد يوم النحر، وهما الحادي عشر، والثاني عشر، فيُرخص لهم أن يجمعوهما في يوم واحد، فيرمون في اليوم الأول الذي يلي يوم النحر، جمع تقديم، أو يرمون في اليوم الثاني الذي هو يوم النفر الأول، جمعَ تأخير.

والحاصل أنهم بالخيار، إن شاءوا رموا يوم القَرّ له، ولما بعده؛ تقديمًا، وإن شاءوا أخّروا، فرموا يوم النَّفْر الأول ليومين تأخيرًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٠٧٠ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, رَخَّصَ لِلرُّعَاةِ فِي الْبَيْتُوتَةِ, يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ, وَالْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ بَعْدَهُ, يَجْمَعُونَهُمَا فِي أَحَدِهِمَا).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "يحيى": هو القطّان. و"مالك": هو ابن أنس إمام دار الهجرة.

وقوله: "في البيتوتة" أي في شأنها، أو في تركها.

وقوله: "يرمون يوم النحر" جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، تقديره: ما هو ترخيصه في البيتوتة، فأجاب بقوله: يرمون يوم النحر الخ. ويحتمل أن يكون حالاً من "الرعاة". واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "واليومين الخ" بالنصب عطفًا على "يوم النحر". وقوله: "يجمعونهما" جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل. والحديث صحيح، وقد سبق البحث فيه مستوفًى في الحديث الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) - "معالم السنن" ٢/ ٤١٨.