وأخرجه (د) في "المناسك" ١٩٧٧ (أحمد) في "مسند بني هاشم" ٢٥١٢. واللَّه تعالى أعلم.
[مسالة]: في اختلاف أهل العلم في وجوب الرمي بسبع حصيات:
ذهب أكثر العلماء إلى أن رمي الجمرة لا بدّ أن يكون بسع حصيات، وذهب عطاء إلى أنه إن رمى بخمس أجزأه. وقال مجاهد: إن رمى بستّ فلا شيء عليه، وبه قال أحمد، وإسحاق، واحتُجَّ لهم بحديثي سعد بن أبي وقّاص، وابن عباس - رضي اللَّه عنهم - المذكورين في الباب.
والصحيح ما ذهب إليه الجمهور أن الواجب السبع، كما صحّ عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، من حديث ابن مسعود، وجابر، وابن عباس، وابن عمر، وغيرهم - رضي اللَّه عنهم -.
وأجيب عن حديث سعد - رضي اللَّه عنه - بأنه ليس مرفوعًا إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وعن حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - أنه ورد على الشكّ من ابن عباس، وشكّ الشاكّ لا يقدح في جزم الجازم، وقد ثبت لدينا أن - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه رماها بسبع حصيات، وقال:"لتأخذوا عني مناسككم".
ثم إن الجمهور -فيما حكاه القاضي عياض- ذهبوا إلى أنه إن رماها بأقلّ من سبع حصيات، لزمه دم، وهو قول مالك، والأوزاعيّ. وذهب الشافعيّ، وأبو ثور إلى أن على تارك حصاة مدًّا من طعام، وفي اثنتين مدّين، وفي ثلاث فأكثر دمًا. وللشافعيّ قول آخر أن في الحصاة ثلث دم، وله قول آخر أن في الحصاة درهمًا. وذهب أبو حنيفة، وصاحباه إلى أنه إن ترك أكثر من نصف الجمرات الثلاث، فعليه دم، وإن ترك أقلّ من نصفها، ففي كلّ حصاة نصف صاع. وعن طاوس: إن رمى ستًا يُطعم تمرة، أو لقمة.
وذكر الطبريّ عن بعضهم أنه لو ترك رمي جميعهنّ بعد أن يكبّر عند كلّ جمرة سبع تكبيرات أجزأه ذلك، وقال: إنما جعل الرمي في ذلك بالحصى سببًا لحفظ التكبيرات السبع، كما جُعل عقد الأصابع بالتسبيح سببًا لحفظ العدد. وذكر يحيى بن سعيد أنه سئل عن الخرز، والنوى يُسَبَّح به؟ قال: حسن. قد كانت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - تقول: إنما الحصى للجمار ليحفظ به التكبيرات.
وقال الحكم، وحماد: من نسي جمرة، أو جمرتين، أو حصاتين يُهريق دمًا. وقال عطاء: من نسي شيئًا من رمي الجمار، فذكر ليلاً، أو نهارًا، فيلزمه ما نسي، ولا شيء عليه، وإن مضت أيام التشريق، فِعليه دم، وهو قول الأوزاعيّ. وقال مالك: إن نسي حصاة من الجمرة حتى ذهبت أيام الرمي، ذبح شاة، وإن نسي جمرة تامة ذبح بقرة.
واختلفوا فيمن رمى سبع حصيات في كلٍّ مرّةً واحدةً، فقال الشافعىّ: لا يجزيه، إلا