وظيفة الرجلين هو الغسل الوافي لا الغسل المشابه بالمسح، كغسل هؤلاء، وقول عياض: وقد أمرهم بالغسل بقوله "أسبغوا الوضوء" غير مسلم لأن الأمر بالإسباغ أمر بتكميل الغسل، والأمر بالغسل فهم من الوعيد، لأنه لا يكون إلا في ترك الواجب، فلما فُهِمَ ذلك من الوعيد، أكده بقوله:"أسبغوا الوضوء" ولهذا ترك العاطف فوقع هذا تأكيدا عاما يشمل الرجلين وغيرهما من أعضاء الوضوء؛ لأنه لم يقل: أسبغوا الرجلين؛ بل قال:"أسبغوا الوضوء" والوضوء هو غسل الأعضاء الثلاثة، ومسح الرأس، ومطلوبية الإسباغ غير مختصة بالرجلين، فكما أنه مطلوب فيهما، فكذلك مطلوب في غيرهما.
فإن قلت: لم ذكر الإسباغ عاما، والوعيد خاصا؟ قلت: لأنهم ما قصروا إلا في وظيفة الرجلين، فلذلك ذكر لفظ الأعقاب فيكون الوعيد في مقابلة ذلك التقصير الخاص اهـ كلام العيني في عمدته [جـ ١ ص ٣٨٣]. والله ولي التوفيق، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بحديثى الباب
المسألة الأولى: في درجتهما:
أما حديث أبي هريرة فهو متفق عليه. وأما حديث عبد الله بن عمرو عن طريق أبي يحيى الأعرج فأخرجه مسلم. وقد أخرجاه عن طريق يوسف بن ماهَك عن عبد الله بن عمرو بلفظ:" تخلف عنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافرناها، فأدركنا، وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثًا" هذا لفظ البخاري ونحوه لمسلم.