عنده في هذا الكتاب حديث الباب فقط. واستشهد به مسلم في حديث واحد:"أرأيتكم ليلتكم هذه … " الحديث. والباقون تقدّموا في الباب الماضي. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من سباعيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فقد تفرّد به هو وأبو داود. (ومنها): أنه مسلسل بالمصريين إلى ابن مسافر، وبالمدنيين بعده. (ومنها): أن فيه رواية تابعي، عن تابعيين. (ومنها): أن فيه أبا هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - رَأس المكثرين من الرواية روى (٥٣٧٤) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف الزهريّ المدنيّ الفقيه الثبت (وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّب) بن حَزْن بن أبي وهب المخزوميّ المدنيّ الفقيه الثبت الحجة (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) - رضي اَلله تعالى عنه - (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَقُولُ:"وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوْلَا أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ) بفتح حرف المضارعة، من الطيب، و"أنفسهم" بالرفع على الفاعلية، أي لا تنشرح، ولا تنبسط، يقال: طابت نفسه تَطيب: انبسطت، وانشرحت (أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي) أي يتأخروا عن الخروج معي (وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ عَلَيْهِ) من الجِمَال، والدوابّ، أي وفي مشيهم مشقّةٌ بالغة عليهم (مَا تَخَلَّفْتُ عَنْ سَرِيَّةٍ) أي ما تأخّرت، بل خرجت، ومشيت مع كلّ سرية (تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَوَدِدْتُ) بفتح الواو، وكسر الدال الأولى، أي لأَحببتُ.
والنكتة في إيراد هذه الجملة عقب الجملة السابقة إرادة تسلية الخارجين في الجهاد على مرافقته لهم، وكأنه قال: الوجه الذي يسيرون له فيه من الفضل ما أتمنّى لأجله أني أُقتل مرّات، فمهما فاتكم من مرافقتي، والقعود معي من الفضل، يحصل لكم مثله، أو فوقه من فضل الجهاد، فراعى خواطر الجميع. وقد خرج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في بعض المغازي، وتخلّف عنه المشار إليهم، وكان ذلك حيث رجحت مصلحة خروجه على مراعاة حالهم. أفاده في "الفتح" (١).
(أَنِّي أُقْتَلُ) بالبناء للمفعول في الأفعال السبعة (فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ) قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: كيف ذلك مع أن الصحيح أن الكفار مخاطبون بالفروع، وقتل النبيّ كفر، فكيف يتمنّى وقوع الكفر في