للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحجاز، وبني أسد، والثانية لغة بني تميم، وقيس، وجاء الكتاب العزيز بهما، {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ}، {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}. قاله الفيّوميّ. والجملة في محلّ نصب على الحال، أي والحال أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقرءها علي؛ لأكتبها (فَقَالَ) أي ابن أمّ مكتوم (يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجهَادَ) أي لو استطعت، وعبّر بالمضارع إشارةً إلى الاستمرار، واستحضارًا لصورة الحال. زاد في الرواية التالية: "وكان رجلاً أعمى"، وفي رواية خارجة: "فقام حين سمعها ابن أم مكتوم، وكان أعمى، فقال: يا رسول اللَّه، فكيف بمن لا يستطيع الجهاد، ممن هو أعمى، وأشباه ذلك"، وفي رواية قبيصة: "فقال: إني أحبّ الجهاد في سبيل اللَّه، ولكن بي من الزمانة ما ترى، ذهب بصري" (لَجَاهَدْتُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي) جملة في محلّ نصب على الحال، أي والحال أن فخذه - صلى اللَّه عليه وسلم - موضوعة على فخذي (فَثَقُلَتْ عَلَيَّ) يعني أنه حدث في أعضائه ثقلٌ محسوسٌ، من ثقل الوحي النازل عليه؛ لقوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزّمّل:٥] (حَتَّى ظَنَنْتُ أَنْ ستُرَضُّ فَخِذِي) "أن" هنا مخفّفة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، والفعل بعدها مرفوع، أي أنه سترضُّ فخذي، وهو بتشديد الضاد المعجمة، أي ستُدقّ، وستكسر (ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ) -بضمّ المهملة، وتشديد الراء، مبنيًّا للمفعول، أي كُشف، وأزيل عنه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ما حلّ به من غشيان الوحي {لَّا غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}) مفعول "فأنزل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-"، فهو منصوب محلًّا، محكيّ لفظًا. وفي رواية قبيصة: (ثمّ قال: اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}. وزاد في رواية خارجة بن زيد: "قال زيدٌ بن ثابت: فواللَّه لكأني أنظر إلى مُلْحَقها عند صَدْعٍ كان في الكتف" (١).

وقوله: {غير} قرىء بالنصب، والرفع، وهما قراءتان مشهورتان في السبع، قرأ نافع، وابن عامر، والكسائيّ بنصبها، والباقون برفعها. وقُرىء في الشواذّ بجرّها، فمن نصب فعلى الاستثناء، ومن رفع، فعلى أنه وصفٌ لـ {لقاعدين}، أو بدلٌ منهم، ومن جرّه، فعلى أنه وصف لـ {لمؤمنين}، أو بدل منهم. قاله النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- (٢). (قَالَ أَبو عَبْد الرَّحْمَنِ) النسائيّ -رحمه اللَّه تعالى- (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا) أي الذي ذُكر في هذا السند، راويًا عن الزهريّ، فـ"عبد الرحمن" مبتدأ، خبره قوله (لَيْسَ بهِ بَأْسٌ، وَعَبدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ) بن الحارث، أبو شيبة الواسطيّ الأنصاريّ، ويقال: الكوفيّ، ابن أخت النعمان بن سعد، ضعيف من الطبقة السادسة (يَرْوِي عَنْهُ عَليُّ بْنُ


(١) - "فتح" ٩/ ١٣٨ في "التفسير".
(٢) - "شرح مسلم" ١٣/ ٤٦.