للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بائك، بغير هاء، سمّيت الغزوة بذلك؛ لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - غزاها في شهر رجب سنة تسع من الهجرة، فصالح أهلها على الجزية من غير قتال، فكانت خالية عن البؤْس، فأشبهت الناقة التي ليس بها هُزَالٌ. أفاده الفيّوميّ.

وقال في "الفتح": و"تبوك" مكان معرف، هو نصف طريق المدينة إلى دمشق. ويقال: بين المدينة، وبينه أربع عشرة مرحلة. وذكرها في "المحكم" في الثلاثيّ الصحيح، وكلام ابن قتيبة يقتضي أنها من المعتلّ، فإنه قال: جاءها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهم يبوكون (١) مكان مائها بِقِدْحٍ، فقال: "ما زلتم تبوكونها"، فسمّيت حينئذ تبوك انتهى (٢).

فقوله: "عام" منصوب على الظرفية متعلّقٌ بقوله (يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى رَاحِلَتِهِ) جملة حالية من الفاعل (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَلَا) أداة استفتاح، وتنبيه (أُخْبِرُكُم بِخَيْرِ النَّاسِ، وَشَرِّ النَّاسِ؟) أي بمن هو من خير الناس، فالكلام على تقدير "من"، بدليل قوله (إِنَّ مِنْ خَيرِ النَّاسِ رَجُلاً) قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: بالألف في بعض النسخ، وفي بعضها بدون الألف، فهو إما منصوب، وتَرْكُ الألف كتابةً في المنصوب عندهم كثيرٌ، أو مرفوع، والتقدير: إن الشأنَ من خير الناس انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: النسخ التي بين يديّ كلها، سواء نسخ "المجتبى"، أو نسخة "السنن الكبرى" "رجلاً" بالألف، ولعل السنديّ وجد بعض النسخ "رجل" بدون ألف، وقوله: "إن الشأن الخ" كان الأولى له أن يقول: اسم "إنّ" محذوف، وهو ضمير الشأن، والتقدير: "إنه" أي الشأن الخ. واللَّه تعالى أعلم.

(عَمِلَ فِي سَبيلِ اللَّهِ) أي لأجل إعلاء كلمة تعالى (عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ) أي حال كونه راكبًا فرسه (أَؤ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ) "أو" في الموضعين للتويع، لا للشكّ (أَو عَلَى قَدَمِهِ) هذا محلّ الترجمة، فإنه صريح فى أن من غزا في سبيل اللَّه تعالى على قدميه من خير الناس، وهو فضل عظيم (حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ) أي واصل عمله إلى أن وافاه أجله، وهو كذلك (وَإنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ، رَجُلاً فَاجِرًا) أي فاسقًا، يقال: فجر العبدُ من باب قعد: فسق، وزنى، وفجَرَ الحالف فجُورًا: كذب. قاله الفيّوميّ (يَقرَأُ كِتَابَ اللَّهِ، لَا يَرعَوِي) أي لا ينكفّ، ولا ينزجر، من رعا يَرْعُو إذا كفّ عن الأمور، وقد ارعوَى عن القبيح يَرْعَوِي ارعوَاءً، والاسم الرَّعْيَا بالفتح والضمّ. وقيل: الارعواء: الندم على الشيء، والانصراف عنه وتركه (٣). قاله ابن الأثير (٤) (إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ) الظاهر أن "إلى" بمعنى


(١) يقال: باك العين اذا ثَوَّرَ ماءها بعود ونحوه ليخرج. قاله في "القاموس".
(٢) - راجع الفتح في ١٤/ ٥٤١ - ٥٤٢ "كتاب الفتن".
(٣) - "فتح" ٨/ ٤٤٩. "كتاب المغازي".
(٤) - "النهاية" ٢/ ٢٣٦.