للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وشيخ شيخه، فمكيان. (ومنها): أن فيه رواية تابعي، عن تابعي. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

عن أبي عبد الرحمن الحبليّ -رحمه اللَّه تعالى-، أنه قال (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو) ابن العاص - رضي اللَّه تعالى عنهما - (يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَقُولُ: "مَا مِنْ غَازِيَةٍ) "من" زائدة، و"غازية" صفة لموصوف محذوف، تقديره: ما من جماعة، أو سريّة، أو طائفة غازية (تَغْزُو) أعاد الضمير هنا مؤنثًا، مفردًا نظرًا للفظ "غازية" (فِي سَبِيلِ اللَّه) أي لأجل إعلاء كلمة اللَّه تعالى (فَيُصِيبُونَ غَنِيمَةَ) أعاد الضمير هنا مذكّرًا جمعًا؛ نظرًا لمعنى "غازية"؛ لأنها بمعنى " جماعة"، أو طائفة، أو سريّة، كما سبق آنفًا (إِلاَّ تَعَجَّلُوا ثُلُثَي أَجْرِهِمْ مِنَ الآخِرَةِ) بكسر الخاء المعجمة (وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَة، تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ") قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-: ما حاصله: إِنَّ الصواب في معنى الحديث أن الغُزاةَ إذا سَلِموا، أو غَنِموا يكون أجرهم أقلّ من أجر من لم يَسلَم، أو سَلِمَ، ولم يَغنَم، وأن الغنيمة في مقابلة جزء من أجر غزوهم، فإذا حصلت لهم، فقد تعجّلوا ثلُثي أجرهم المترتّب على الغزو، وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر، وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة، كقوله: "منا من مات، ولم يأكل من أجره شيئًا، ومنا من أينعت له ثمرته، فهو يهَدبها". أي يجتنيها، فهذا الذي ذكرناه هو الصواب، وهو ظاهر الحديث، ولم يأت حديث صريحٌ صحيحٌ يُخالف هذا، فتعيّن حمله على ما ذكرنا انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم استشكال بعضهم هذا الحديث بأنه يخالف حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - السابق في الأبواب الماضية، وفيها: "أو أرجعه بما نال من أجر، أو غنيمة"، حيث إن ظاهره يدلّ على أن الأجر تامّ، لا نقص فيه، سواء كان معه غنيمة، أم لا؟. وتقدّم الجواب عنه مفصّلاً مطوّلاً في شرح الحديث المذكور، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا- ١٥/ ٣١٢٦ - وفي "الكبرى" ١٢/ ٤٣٣٣. وأخرجه (م) في


(١) - "شرح مسلم" ١٣/ ٥٤.