للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يقتسم الورثة مالك الذي تركته (فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فَمَنْ فَعَلَ ذَلِك) فيه حذف الفاء مع ما عطفت، كما قال أبن مالك في "الخلاصة":

وَالْفَاءُ قَدْ تحُذَفُ مَعْ مَا عَطَفَتْ … وَالْوَاوُ إِذْ لَا لَبْسَ وَهْيَ انْفَرَدَتْ

كما في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]. أي فأفطر فعليه عدة الخ.

والتقدير هنا: أي فمات، كما بينته رواية ابن حبّان، ولفظه: "فمن فعل ذلك، فمات كان حقًّا … ".

والمعنى: أن من فعل ما تقدّم من مخالفة الشيطان في الإسلام، والهجرة، والجهاد، فمات (كَانَ حَقًّا) أي ثابتًا بمقتضى الوعد السابق (عَلَى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ) أي دخولاً أوليًّا، وإلا فمجرّد إيمانه يَستحقّ به الجنّة (وَمَنْ قُتِلَ) بالبناء للمفعول. ولابن حبّان: "أو قتل" (كَانَ حَقًا عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإنْ غَرِقَ) بكسر الراء، من باب تَعِب (كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ، أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، أَؤ وَقَصَتهُ دَابَّتُهُ) من باب وعد: أي رمت به، ودقّت عنقه. قاله الفيّوميّ (كانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ) هذه الْجُمَلُ من قوله: "وإن غرِقَ من باب التفصيل بعد الإجمال، بيّن بها بعض أسباب الموت، والمراد تعميم أحوال الموت، أي سواء كان موته بالقتل، أو الغرق، أو بوقص دابته، أو غير ذلك من أسباب الموت، فإن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- يدخله الجنّة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث سَبْرَة بن فاكه - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا- ١٩/ ٣١٣٥ - وفي "الكبرى" ١٦/ ٤٣٤٢. أخرجه أحمد في "مسند المكيين" ١٥٥٢٨ والطبرانيّ ٦٥٥٨. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".