للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصابه ما مَضَّهُ (١)، وأحرقه غفلةً، كالجمرة، والضَّرْبَة، ونحوهما. قاله ابن الأثير (٢). وقال ابن منظور: و"حَسِّ" بفتح الحاء، وكسر السين، وترك التنوين: كلمة تقال عند الألم، ويقال: إني لأجد حَسًّا من وَجَع؛ قال العجاج:

فَمَا أَرَاهُمْ جَزَعًا بِحَسِّ … عَطْفَ الْبَلَايَا الْمَسَّ بَعْدَ الْمَسّ

وَحَرَكَاتِ الْبَأْسِ بَعْدَ الْبَأْسِ … أَنْ يَسْمَهِرُّوا لِضِرَاسِ الضَّرْسِ

"يَسْمَهِرُّوا": يشتدّوا. و"الضِّرَاس": الْمُعَاضَّةُ. و"الضَّرْسُ": الْعَضُّ.

قال: والعرب تقول عند لَذعَةِ النارِ، والوَجَعِ الحادّ: حَسِّ بَسِّ، وضُرِبَ فما قال: حَسِّ، ولا بَسِّ، بالجرّ والتنوين. ومنهم من يُجَرّ، ولا يُنوّن. ومنهم من يكسر الحاء والباء، فيقول: حِسٍّ، ولا بِسِّ. ومنهم من يقول: حَسًّا، ولا بَسًّا. يعني التوجّع انتهى كلام ابن منظور باختصار (٣).

(فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: لَوْ قُلْتَ: بِسْمِ اللَّهِ) وفي رواية البيهقيّ المذكورة: "لو قلت: بسم اللَّه، أو ذكرت اسم اللَّه … " (لَرَفَعَتكَ الْمَلَائِكَةُ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ) جملة في محلّ نصب على الحال. وفي رواية البيهقيّ المذكورة: "لرفعتك الملائكة، والناس ينظرون إليك حتى تَلِجَ بك في جوّ السماء، ثم صَعِدَ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى أصحابه، وهم مجتمعون".

قال السنديّ: أُخذ منه أن من يَطعُنُه العدوّ ينبغي له أن يقول "بسم اللَّه"، أو نحو ذلك، ولا ينبغي أن يُظهر التوجّع. ولا يلزم من هذا أن كلّ من يقول: "بسم اللَّه" إذا طُعِن، أو قُطعت أصابعه ترفعه الملائكة، بل الظاهر أن المراد الإخبار بما قُدِّر لطلحة بخصوصه تقديرًا مطلقًا. واللَّه تعالى أعلم (٤) (ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ) أي كفى اللَّه تعالى نبيه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فردّ كيدهم عنه، فرجعوا خائبين، والحمد للَّه رب العالمين. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا فيه عنعنة أبي الزبير، وقد وُصف بالتدليس، لكن مع هذا حسّنه الشيخ الألبانيّ -رحمه اللَّه تعالى- بشواهده، وقد خرّج تلك الشواهد في "السلسلة الصحيحة" ٥/ ٢٠٣ - ٢٠٤ رقم ٢١٧١


(١) - أي أحزنه جدًّا، يقال: مضّه الشيءُ مضًّا، ومَضِيضًا: بلغ من قلبه الحزن به، كأمضّه. اهـ "قاموس".
(٢) - "النهاية" ١/ ٣٨٥.
(٣) - "لسان العرب" في مادة حسس.
(٤) - "شرح السندي" ٦/ ٣٠.