(ومنها): أن فيه رواية تابعي، عن تابعي. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ ثَوْبَانَ) بن بُجدد، أو ابن أبجر - رضي اللَّه تعالى عنه - (مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "عِصَابَتَانِ) تثنية عِصَابة -بكسر العين المهملة، وتخفيف الصاد المهملهّ-: وهي الجماعة من الناس، جمعه عَصَائب (مِنْ أُمَّتِي، أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنَ النَّارِ) -براء مهملة، فزاي معجمة- من الإحراز، أي حفظهما اللَّه، ويمكن أن يُجعل قول أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - السابق "الْمُحْرَز". وفي نسخة: "حَرَّرهما" براءين، من التحرير: أي أعتقهما اللَّه من النار (عِصَابَةٌ) بدل بعض من "اعصابتين" (تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيهِمَا السَّلَام -) أي حينما ينزل آخر الزمان، بعد خروج المهديّ المنتظر، واللعين الدجال، فيقتله عيسى - عليه السلام -.
[فائدة]: رمز بعضهم لعلامات الساعة الكبرى التي تأتي آخر الزمان بقوله: "مدعي طد" فالميم للمهديّ، والدال للدجال، والعين لعيسى - عليه السلام -، والياء ليأجوج ومأجوج، و"الطاء" لطلوع الشمس، والدال الثانية لدابّة الأرض. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث ثوبان - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح. [فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه بقيّة مدلّس تدليس التسوية، وفيه أبو بكر الزُّبَيديّ مجهو ل الحال؟.
[قلت]: قد تُوبع كلٌّ من بقية، وأبي بكر الزبيديّ، فقد روى الحديث هشام بن عمّار، حدّثنا الجرّاح بن مليح البهرانيّ، ثنا محمد بن الوليد الزبيديّ به. أخرجه ابن عديّ، وابن عساكر، وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات، فالجرّاح بن مَلِيح حمصيّ صدوق، وهشام بن عمار من شيوخ البخاريّ، وكان يتلقّن، لكنه تابعه سليمان، وهو ابن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل. أخرجه البخاريّ في "التاريخ الكبير" ٣/ ٢/ ٧٢ عنه: حدثنا الجرّاح بن مليح به. وهذا إسناد قويّ.
وقد توبع أبو بكر الزبيديّ أيضًا، فقد روى أبو عروبة الحرانيّ في حديثه (١٠٢/ ٢) عن بقيّة بن الوليد: ثنا عبد اللَّه بن سالم، وأبو بكر بن الوليد الزُّبيديّ، عن محمد بن الوليد الزُّبَيديّ، عن لقمان بن عامر الوَصَابيّ، عن عبد الأعلى بن عديّ الْبَهْرَانيّ، عن ثوبان، مولى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - … وهذا إسناد جيّدٌ، وعبد اللَّه بن سالم هو الأشعريّ الحمصيّ، ثقة من رجال البخاريّ. راجع ما كتبه الشيخ الألبانيّ في "السلسلة الصحيحة" ٤/ ٥٧٠ - ٥٧١ رقم ١٩٣٤.