للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بكِسْرة، حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير، قال: فدعا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عليه بالبركة، ثم قال: "خذوا في أوعيتكم"، قال: فأخذوا في أوعيتهم، حتى ما تركوا في العسكر وعاء، إلا ملئوه، قال: فأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه، لا يلقى اللَّه بهما عبد، غير شاكّ، فيحجبَ عن الجنة".

وقال ابن عرفة: سُمي جيش تبوك جيش العسرة؛ لأن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نَدَبَ الناس إلى الغزو في حمارة القيظ (١)، فغلُظ عليهم، وعَسُرَ، وكان إبّان انتياع الثمرة، قال: وإنما ضُرب المثل بجيش العسرة؛ لأن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يغز قبله في عدد مثله؛ لأن أصحابه يوم بدر كانوا ثلثمائة وبضعة عشر، ويوم أحد سبعمائة، ويوم خيبر ألفًا وخمسمائة، ويوم الفتح عشرة آلاف، ويوم حُنين اثني عشر ألفًا، وكان جيشه في غزوة تبوك ثلاثين ألفًا وزيادة، وهي آخر مغازيه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وخرج رسو ل اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في رجب، وأقام بتبوك شعبان، وأيامًا من رمضان، وبثّ سراياه، وصالح أقوامًا على الجزية (٢).

(فَجَهَّزتُهُمْ، حَتَّى لَمْ يَفْقِدُوا) -بكسر القاف- من باب ضرب: أي لم يَعدَموا (عِقَالاً) -بكسر العين المهملة، وتخفيف القاف-: الحبل الذي يُعقل به البعير، وهو أن تَثْنِيَ وَظِيفَهُ مع ذراعه، فتشُدَّهما جميعًا في وسط الذراع بحبل. قاله الفيّوميّ (وَلَا خِطَامًا) - بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف الطاء المهملة-: هو الحبل يُجعل على خَطْم البعير، أي مقدّم أنفه وفمه، جمعه خُطُم، مثلُ كتاب وكُتُب.

وأخرج الترمذيّ من حديث عبد الرحمن بن حباب السلميّ أن عثمان جهّزهم بثلثمائة بعير، ولأحمد من حديث عبد الرحمن بن سمرة - رضي اللَّه عنه - أنه جاء بألف دينار في ثوبه، فصبها في حجر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حين جهّز جيش العسرة، فقال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما على عثمان من عمل بعد اليوم". وأخرج أسد بن موسى في "فضائل الصحابة" من مرسل قتادة: "حَمَلَ عثمان على ألف بعير، وسبعين فرسًا في العسرة". وعند أبي يعلى من وجه آخر ضعيف: "فجاء عثمان بسبعمائة أوقيّة ذهب". وعند ابن عديّ بسند ضعيف جدًّا عن حُذيفة - رضي اللَّه عنه - أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - استعان عثمان في جيش العسرة، فجاء بعشرة آلاف دينار"، ولعلّها كانت عشرة آلاف درهم، فتوافق رواية عبد الرحمن بن سمرة من صرف الدينار بعشرة دراهم. قاله في "الفتح" (٣).


(١) أي في شدة الحرّ.
(٢) راجع تفسير القرطبيّ في "سورة التوبة" ٨/ ٢٧٨ - ٢٨٠.
(٣) - "فتح" ٦/ ٦٨ في "كتاب الوصايا".