للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

روى عن النبيّ- صلى اللَّه عليه وسلم -. وعنه ابنه أسامة، والبراء بن عازب، وابن عباس. آخى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بينه وبين حمزة بن عبد المطّلب. وقال ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: ما كنّا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد، حتى أنزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: ٥].

وعن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: ما بعث رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - زيد بن حارثة في سريّة إلا أمره عليهم، ولو بقي لاستخلفه. أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناد قويّ. وعن سلمة ابن الأكوع - رضي اللَّه عنه - قال: غزوت مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -سبع غزوات، ومع زيد بن حارثة سبع غزوات يؤمره علينا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. أخرجه البخاريّ. ولم يقع في القرآن تسمية أحد باسمه إلا هو باتفاق.

استُشهد يوم مؤتة سنة ثمان من الهجرة، وهو ابن (٥٥) سنة، ونعاه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لأصحابه في اليوم الذي قُتل فيه، وعيناه تذرفان (١).

(وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلاً فِي الجَاهِلِيَّةِ) أي في الفترة التي قبل الإسلام (دَعَاهُ النَّاسُ ابْنَهُ) أي يسمون ابن فلان للذي تبنّاه. ولفظ البخاريّ، وهو الذي في "الكبرى": "دعاه الناس إليه"، أي نسبوه إلى ذلك الرجل الذي تبناه، دون أبيه النسبيّ (فَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ، حَتَّى أَنزَلَ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- فِي ذَلِكَ) وفي الرواية التالية: "فلما أنزل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- في زيد بن حارثة" ({ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ}) أي أعدل ({عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}) أي فنسخ اللَّه تعالى ذلك بهذه الآية، ورفع حكم التبنّي، ومنع إطلاق لفظه، وأرشد إلى أن الأولى والأعدل أن ينسب الرجل إلى أبيه نسبًا، يقال: كان الرجل إذا أعجبه من الرجل جَلَده، وظَرفه ضمّه إلى نفسه، وجعل له نصيب الذكر من أولاده من ميراثه، وكان ينسب إليه، فيقال: فلان بن فلان. وقال النحّاس: هذه الآية ناسخة لما كانوا عليه من التبنّي، وهو من نسخ السنة بالقرآن، فأمر أن يَدعُوا من دعوا إلى أبيه المعروف، فإن لم يكن له أبٌ معروف نسبوه إلى وَلائه، فإن لم يكن له ولاء معروفٌ قال له: يا أخي -يعني في الدين-. قال اللَّه تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} الآية [الحجرات: ١٠] (٢).

(فَمَنْ لَمْ يُعْلَم لَهُ أَبٌ، كَانَ مَوْلى، وَأَخًا فِي الدِّينِ) أي يُدعَى باسم المولى، واسم الأخ في الدين، فيقال: يا مولاي، أو يا مولى فلان، أو يا أخي.

(مُخْتَصَرٌ) خبر لمحذوف، أي هذا الحديث مختصر من حديث طويل، وقد ساقه


(١) - راجع "الإصابة" ٤/ ٤٧ - ٤٨. و"تهذيب التهذيب" ١/ ٦٦١.
(٢) - "تفسير القرطبيّ" ١٤/ ١١٩.