للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويقال: الطائفيّ (عَنْ أَبِيهِ) شعيب بن محمد بن عبد اللَّه الحجازيّ السهميّ (عَنْ جَدِّهِ) عبد اللَّه بن عمرو بن العاص - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَنَّ مَرْثَدَ بنَ أَبِي مَرْثَدٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (وَكَانَ رَجُلاً شَدِيدًا) أي قويًّا (وَكَانَ يَحْمِلُ) بفتح أوله، وكسر الميم، من باب ضرب (الأُسَارَى) بضم الهمزة جمع أَسير، بمعنى مأسور، أي الذي أسره المشركون (من مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ) متعلق بـ"يحمل" (قَالَ) مرثد (فَدَعَوْتُ رَجُلاً لِأَحْمِلَهُ، وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ) فعيلٌ بمعنى فاعلة، يقال: بغت المرأة تَبغِي بِغَاءً -بالكسر والمدّ-: إذا فجرت، فهي بَغِيٌّ، والجمع بغايا، وهو وصفٌ مختصّ بالمرأة، ولا يقال للرجل بَغيّ. قاله الأزهريّ (١). أي امرأة زانية وإنما لم يُلحق التاء بـ"كان" مع كون اسمها حقيقيّ التأنيث؛ للفصل بالجارّ والمجرور، كما قال في "الخلاصة":

وَقَد يُبِيحُ الفَصْلُ تَرْكَ التَّاءِ فِي … نَحْوِ "أتى القَاضِيَ بِنْتُ الْوَاقِفِ

(يُقَالُ لَهَا: عَنَاقُ) -بفتح العين المهملة، وتخفيف النون-: علم امرأة (وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ) أي حبيبته التي يزني بها قبل الإسلام، أو قبل تحريم الزنا. أفاده السنديّ (خَرَجَتْ، فَرَأَتْ سَوَادِي) أي شَخْصِي. قال الفيّوميّ: الشَّخْصُ: سواد الإنسان، تراه من بُعدٍ، ثم استُعمل في ذاته. قال الخطّابيّ: ولا يُسَمَّى شَخْصًا إلا جسمٌ مؤلّفٌ، له شُخُوصٌ وارتفاعٌ انتهى (في ظِلِّ الْحَائِطِ، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟) "من" استفهاميّة، سألت عن السواد الذي رأته في ظلّ الحائط (مَرْثَدٌ) خير لمحذوف، وهو على تقدير استفهام، أي أأنت مرثدٌ؟، يعني أنها عرفت ذلك السواد الذي رأته أنه صديقها مرثد، فأرادت أن تتأكد، فسألته، فلما تبيّن لها أنه هو، قالت (مَرْحَبًا) منصوب بفعل محذوف، أي أتيت مكانًا رَحْبًا، أي واسعًا (وَأَهْلاً) أي صادفت أهلاً. قال في "اللسان": وقولهم في التحيّة: مَرْحَبًا، وأَهْلًا: أي أتيتَ سَعَةً، وأتيتَ أهلاً، فاستأنِسْ، ولا تَستَوْحِشْ. وقال الليث: معنى قول العرب: مَرْحبًا: انزِل في الرَّحْبِ والسَّعَةِ، وأَقِمْ، فلك عندنا ذلك. وسُئل الخليلُ عن نصب "مَرْحَبًا فقال: فيه كَمِينُ الفعل؛ أراد به انزِلْ، أو أَقِمْ، فنَصِبَ بفعل مضمر، فلما عُرِفَ معناه المراد به أُميتَ الفعلُ. وقال غيره: قولهم: "مرحبًا": أتيت، أو لقِيتَ رُحْبًا وسَعَةٌ، لا ضِيقًا، وكذلك إذا قال: سهلاً: أراد نزلت بلدًا سهلاً، لا حَزْنًا غليظًا. وقال ابن الأعرابيّ: هي من المصادر التي تقع في الدعاء للرجل، وعليه، نحو سَقْيًا، ورَعْيًا، وجدعًا، وعَقْرًا، يريدون سقاك اللَّه، ورعاك اللَّه انتهى ببعض اختصار (٢).


(١) - راجع "المصباح المنير".
(٢) - راجع "لسان العرب" في مادّة رحب.