للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَكْتُومٍ, فَإِنَّهُ أَعْمَى, فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي» , قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ آذَنْتُهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «وَمَنْ خَطَبَكِ؟» , فَقُلْتُ: مُعَاوِيَةُ, وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ قُرَيْشٍ, فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, «أَمَّا مُعَاوِيَةُ, فَإِنَّهُ غُلَامٌ مِنْ غِلْمَانِ قُرَيْشٍ, لَا شَيْءَ لَهُ, وَأَمَّا الآخَرُ فَإِنَّهُ صَاحِبُ شَرٍّ, لَا خَيْرَ فِيهِ, وَلَكِنِ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» , قَالَتْ: فَكَرِهْتُهُ, فَقَالَ لَهَا: ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, فَنَكَحَتْهُ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وجه إدخال المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- حديث فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا في هذا الباب أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لما خطبها مع خِطبة معاوية والرجل الآخر قبله دلّ على أنه مأذون له دلالةً؛ لأنه يُعلَم أنهما يأذنان له في ذلك، إذ معلوم رضا كلّ مؤمن بما قضى به - صلى اللَّه عليه وسلم -، كما قال اللَّه تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الآية [الأحزاب: ٣٦]. وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]. وقال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية [الأحزاب: ٦]، وقال - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم … " الحديث متّفقٌ عليه.

فإذا رأى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن المصلحة لفاطمة أن تنكح أسامة، لا أن تنكح واحدًا منهما، عُلِم أنهما يرضيان بذلك، فكان - صلى اللَّه عليه وسلم - بسبب ذلك كالمأذون له في ذلك، فيستفاد منه أنه إذا أذن الخاطب صريحًا جاز من باب أولى. واللَّه تعالى أعلم.

ورجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه حاجب بن سليمان الْمِنْبَجِيّ، وهو صدوق يهم. و"حجّاج": هو ابن محمد الأعور المذكور في السند الماضي. و"ابن أبي ذئب": هو محمد بن عبد الرحمن المدنيّ و"يزيد بن عبد اللَّه بن قُسيط" بجرّ "يزيد" عطفًا على "الزهريّ"، وهو الليثيّ المدنيّ الأعرج الثقة. و"أبو سلمة بن عبد الرحمن" ابن عوف: هو الزهريّ المدنيّ الفقيه المشهور. و"الحارث بن عبد الرحمن": هو القرشيّ العامريّ، خال ابن أبي ذئب، صدوق [٥] ٣٦/ ٨٢٦.

وقوله: "وعن الحارث" عطفٌ على قوله: "عن الزهريّ، ويزيد بن عبد اللَّه"، فابن أبي ذئب يري هذا الحديث عن الزهريّ، ويزيد بن عبد اللَّه بن قُسيط، كلاهما عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعن خاله الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان، وكلٌّ من أبي سلمة، ومحمد بن عبد الرحمن يرويانه عن فاطمة بنت قيس - رضي اللَّه تعالى عنها -.